الشيخ محمد امين الزعبي
بسم الله الرحمن الرحيم
أهلا وسهلا بكم في منتدى الشيخ محمد أمين الزعبي
الشيخ محمد امين الزعبي
بسم الله الرحمن الرحيم
أهلا وسهلا بكم في منتدى الشيخ محمد أمين الزعبي
الشيخ محمد امين الزعبي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الشيخ محمد امين الزعبي

خطب دينية -صوتيات- فتاوى - تفسير وشرح القرآن الكريم
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تفسير سورة الأنعام 6

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد الزعبي
المدير العام للموقع



المساهمات : 694
تاريخ التسجيل : 11/04/2008

تفسير سورة الأنعام 6 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة الأنعام 6   تفسير سورة الأنعام 6 I_icon_minitimeالأحد مايو 28, 2017 9:46 pm

تفسير سورة الأنعام.
الآيات /108/109/110/.
{ وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ(108) وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءتْ لاَ يُؤْمِنُونَ(109) وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ(110)}
شرح الكلمات:
{ولا تسبوا} : ولا تشتموا آلهة المشركين حتى لا يسبوا الله تعالى.
{عدواً }: ظلماً.
{زينا لكل أمة عملهم}: حسناه لهم خيراً كان أو شراً حتى فعلوه.
{جهد أيمانهم }: أي غاية اجتهادهم في حلفهم بالله.
{آية}: معجزة كإحياء الموتى ونحوها.
{وما يشعركم}: وما يدريكم
{ونذرهم }: نتركهم.
{يعمهون }: حيارى يترددون.
معنى الآيات:
عندما ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصبح يصدع بالدعوة جهراً بعد ما كانت سراً أخذ بعض أصحابه يسبون أوثان المشركين، فغضب لذلك المشركون وأخذوا يسبون الله تعالى إله المؤمنين وربهم فنهاهم تعالى عن ذلك أي عن سب آلهة المشركين بقوله: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله} أي لا تسبوا آلهتهم {فيسبوا الله عدواً} أي ظلماً واعتداء بغير علم، إذ لو علموا جلال الله وكماله لما سبوه.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: قالت كفار قريش لأبي طالب إما أن تنهى محمداً وأصحابه عن سب آلهتنا والغضّ منها وإما أن نسب إلهه ونهجوه. فنزلت الآية وهذا الحكم باق إلى نهاية الحياة فإن كان سب المؤمن الكافر يؤدي إلى سب الله تعالى أو رسوله فلا يحل للمؤمن أن يسب الكافر أو دينه.
وقوله تعالى: {وكذلك زينا لكل أمة عملهم} بيان منه تعالى لسنته في خلقه وهي أن المرء إذا أحب شيئاً ورغب فيه وواصل ذلك الحب وتلك الرغبة يصبح زيناً له ولو كان في الواقع شيئاً ويراه حسناً وإن كان في حقيقة الأمر
قبيحاً، ومن هنا كان دفاع المشركين عن آلهتهم الباطلة من هذا الباب فلذا لم يرضوا أن تسب لهم وهددوا الرسول والمؤمنين بأنهم لو سبوا آلهتهم لسبوا لهم آلهتهم وهو الله تعالى.
وقوله تعالى {ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون} يخبر تعالى أن مرجع الناس المزين لهم أعمالهم خيرها وشرها ورجوعهم بعد نهاية حياتهم إلى الله ربهم فيخبرهم بأعمالهم ويطلعهم عليها ويجزيهم بها الخير بالخير والشر بالشر.
هذا ما دلت عليه الآية الأولى (108).
وأما الآيتان الثانية (109) والثالثة (110) فقد أخبر تعالى أن المشركين أقسموا بالله أبلغ إيمانهم وأقصاها أنهم إذا جاءتهم آية كتحويل جبل الصفا إلى ذهب آمنوا عن آخرهم بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ورسالته واتبعوه على دينه الذي جاء به، قال هذا رؤساء المشركين، والله يعلم أنهم إذا جاءتهم الآية لا يؤمنون، فأمر رسوله أن يرد عليهم قائلاً:
{إنما الآيات عند الله} هو الذي يأتي بها إن شاء أما أنا فلا أملك ذلك. إلا أن المؤمنين من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم رغبوا في مجيء الآية حتى يؤمن المشركون وينتهي الصراع الدائر بين الفريقين فقال تعالى لهم: {وما يشعركم} أيها المؤمنون {أنها إذا جاءت لا يؤمنون} أي وما يدريكم أن الآية لو جاءت لا يؤمن بها المشركون؟ وبين علة عدم إيمانهم فقال: {ونقلب أفئدتهم } فلا تعي ولا تفهم {وأبصارهم} فلا ترى ولا تبصر. فلا يؤمنون كما لم يؤمنوا بالقرآن أول مرة لما دعوا إلى الإيمان به {ونذرهم في طغيانهم يعمهون} أي ونتركهم في شركهم وظلمهم حيارى يترددون لا يعرفون الحق من الباطل ولا الهداية من الضلال.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- حرمة قول أو فعل ما يتسبب4 عنه يسب الله ورسوله.
2- بيان سنة الله في تزيين الأعمال لأصحابها خيراً كانت أو شراً.
3- بيان أن الهداية بيد الله تعالى وأن المعجزات قد لا يؤمن عليها من شاهدها.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .
‏الإثنين, ‏23 ‏جمادى الأولى, ‏1438
تفسير سورة الأنعام.
الآيات /111/112/113/.
الجزء الثامن
{وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ(111) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ(112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ(113)}.
شرح الكلمات:
{ الملائكة }: أجسام نورانية يعمرون السموات عباد مكرمون لا يعصون الله تعالى ويفعلون ما يؤمرون لا يوصفون بذكورة ولا أنوثة.
{الموتى }: جمع ميت: من فارقته الحياة أي خرجت منه روحه.
{ حشرنا }: جمعنا.
{ قبلا }: معاينة
{ يجهلون }: عظمة الله وقدرته وتدبيره وحكمته.
{ شياطين }: جمع شيطان: وهو من خبث وتمرد من الجن والإنس.
{ يوحي بعضهم }: يعلم بطريق سريع خفي بعضهم بعضاً.
يوحي بمعنى يلقى إليه الباطل المزين بطريق الوسواس فيفهم عنه إذ الإيحاء الإعلام السريع الخفي وشاهده من السنة قوله صلى الله عليه وسلم "ما منكم من أحد إلاّ قد وكل به قرينه من الجن، قيل ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلاّ أن الله أعانني عليه فأسلم".
{ زخرف القول }: الكذب المحسن والمزين.
{ غروراً }: للتغرير بالإنسان.
{ يفترون}: يكذبون.
{ولتصغى إليه }: تميل إليه.
{ وليقترفوا }: وليرتكبوا الذنوب والمعاصي.
معنى الآيات:
ما زال السياق في أولئك العادلين بربهم المطالبين بالآيات الكونية ليؤمنوا إذا شاهدوها فأخبر تعالى في هذه الآيات أنه لو نزل إليهم الملائكة من السماء وأحيى لهم الموتى فكلموهم وقالوا لهم لا إله إلا الله محمد رسول الله، وحشر علمهم كل شيء أمامهم يعاينونه معاينة أو تأتيهم المخلوقات قبيلاً بعد قبيل وهم يشاهدونهم ويقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله، ما كانوا ليؤمنوا بك ويصدقوك ويؤمنوا بما جئت به إلا أن يشاء الله ذلك منهم.
ولكن أكثر أولئك العادلين بربهم الأصنام والأوثان يجهلون أن الهداية بيد الله تعالى وليست بأيديهم كما يزعمون وأنهم لو رأوا الآيات آمنوا.
هذا ما دلت عليه الآية (111) .
أما الآية الثانية (112) فإن الله تعالى يقول وكما كان لك يا رسولنا من هؤلاء العادلين أعداء يجادلونك ويحاربونك جعلنا لكل نبي أرسلناه أعداء يجادلونه ويحاربونه {شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول} أي القول المزين بالباطل المحسن بالكذب {غرورا} أي للتغرير والتضليل، {ولو شاء ربك} أيها الرسول عدم فعل ذلك الإيحاء والوسواس {ما فعلوه} إذا {فذرهم} أي اتركهم {وما يفترون} من الكفر والكذب والباطل.هذا ما دلت عليه الآية الثانية.
أما الآية الثالثة (113) وهي قوله تعالى: {ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة، وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون} هذه الآية بجملها الأربع معطوفة على قوله {زخرف القول غرورا} إذ إيحاء شياطين الجن والإنس كان للغرور أي ليغتر به المشركون، {ولتصغى إليه } أي تميل {أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة} وهم المشركون العادلون بريهم {وليرضوه} ويقتنعوا به لأنه مموه لهم مزين، ونتيجة لذلك التغرير والميل إليه وهو باطل والرضا به والإقناع بفائدته فهم يقترفون من أنواع الكفر وضروب الشرك والمعاصي والإجرام ما يقترفون!.
/روي عن مالك بن دينار أنه قال: شياطين الإنس أشد من شياطين الجن، وذلك أني إذا تعوذت بالله ذهب عني شيطان الجن وشيطان الإنس يجيئني فيجرني إلى المعاصي عياناً.
ويشهد لهذا ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمع امرأة تنشد:
إن النساء رياحين خلقن لكم ...
وكلكم يشتهي شم الرياحين
فأجابها عمر رضي الله عنه قائلاً:
إن النساء شياطين خلقن لنا ...
نعوذ بالله من شر الشياطين/
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن أبداً، وبهذا تقررت ربوبيته وألوهيته للأولين والآخرين.
2- تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم وكل داع إلى الله تعالى بإعلامه أنه ما من نبي ولا داع إلا وله أعداء من الجن والإنس يحاربونه حتى ينصره الله عليهم.
3- التحذير من التمويه والتغرير فإن أمضى سلاح للشياطين هو التزيين والتغرير.
4- القلوب الفارغة من الإيمان بالله ووعده وعيده في الدار الآخرة أكثر القلوب ميلاً إلى الباطل والشر والفساد.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .
‏الثلاثاء, ‏24 ‏جمادى الأولى, ‏1438
تفسير سورة الأنعام.
الآيات /114/115/116/117/.
{ أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ(114) وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(115) وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ(116) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ(117)}.
شرح الكلمات:
{أبتغي }: أطلب.
{حكماً}: الحكم الحاكم ومن يتحاكم إليه الناس.
{أنزل إليكم الكتاب}: أي أنزله لأجلكم لتهتدوا به فتكْمُلُوا عليه وتسعدوا.
{مفصلاً} : مبيناً لا خفاء فيه ولا غموض.
{والذين آتيناهم الكتاب}: أي علماء اليهود والنصارى.
{الممترين }: الشاكين، إذ الامتراء الشك.
{صدقاً وعدلاً}: صدقاً في الأخبار فكل ما أخبر به القرآن هو صدق، وعدلاً في الأحكام فليس في القرآن حكم جور وظلم أبداً بل كل أحكامه عادلة.
{لا مبدل لكلماته}: أي لا مغير لها لا بالزيادة والنقصان، ولا بالتقديم والتأخير.
{السميع العليم }: السميع لأقوال العباد العليم بأعمالهم ونياتهم وسيجزيهم بذلك.
{ سبيل الله }: الإسلام إذ هو المفضي بالمسلم إلى رضوان الله تعالى والكرامة في جواره.
{ يخرصون }: يكذبون الكذب الناتج عن الحزر والتخمين.
{من يضل }: بمن يضل.
{بالمهتدين}: في سيرهم إلى رضوان الله باتباع الإسلام الذي هو سبيل الله.
معنى الآيات:
ما زال السياق مع العادلين بربهم الأصنام والأوثان لقد كان المراد في طلبهم الآية الحكم بها على صحة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم أنه نبي الله تعالى وأن القران كلام الله تعالى وأنه لا إله إلا الله ، ولم يكن هذا منهم إلا من قبيل ما توسوس به الشياطين لهم وتزينه لهم تغريراً بهم وليواصلوا ذنوبهم فلا يؤمنون ولا يتوبون، ومن هنا أنزل تعال قوله: {أفغير الله أبتغي حكماً}. وهو تعليم لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقوله للمشركين أأميل إلى باطلكم وأقتنع به فغير الله أطلب حكماً بيني وبينكم في دعواكم أني غير رسول وأن ما جئت به ليس وحياً من الله تعالى؟ ينكر صلى الله عليه وسلم تحكيم غير ربه تعالى وعلى ماذا يكون الحكم والله هو الذي أنزل إليهم الكتاب مفصلاً فأي آية تغلب القرآن وهو آلاف الآيات هذا أولاً
وثانياً هل الكتاب من قبلهم وهم علماء اليهود والنصارى مقرون ومعترفون بأن ما ينفيه المشركون هو حق لا مرية فيه إذاً فامض أيها الرسول في طريق دعوتك:لا تكونن لسن الممترين فإنك عما قريب تظهر على المشركين، لقد تمت كلمة ربك أي في هذا القرآن الذي أوحي إليك صدقاً في كل ما تحمله من أخبار ومن ذلك نصرك وهزيمة أعدائك، وعدلاً في أحكامها التي تحملها، ولا يستطيع أحد تبديلها بتغيير لها بإخلاف وعدٍ ولا بإبطال حكم، وربك هو السميع لأقوال عباده العليم بمقاصدهم وأفعالهم فما أقدره وأضعفهم فلذا لن يكون إلا مراده ويبطل جميع إراداتهم.
واعلم يا رسولنا أنك {إن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله} أي لو أنك تسمع لهم وتأخذ بآرائهم وتستجيب لاقتراحاتهم لأضلوك قطعاً عن سبيل الله، والعلة أن أكثرهم لا بصيرة له ولا علم حق لديه وكل ما يقولونه هو هوى نفس، وَوسواس شيطان.
إنهم ما يتبعون إلا أقوال الظن وما هم فيما يقولون إلا خارصون كاذبون. وحسبك علم ربك بهم فإنه تعالى هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين:
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- حرمة وبطلان التحاكم إلى غير الوحي الإلهي.
2- تقرير صحة الدعوة الإسلامية بأمرين الأول: القرآن الكريم،
الثاني: شهادة أهل الكتاب ممن أسلموا
كعبد الله بن سلام القرظي وأصحمة النجاشي وغيرهم.
3- ميزة القرآن الكريم: أن أخباره كلها صدق وأحكامه كلها عدل.
4- وعود الله تعالى لا تتخلف أبداً، ولا تتبدل بتقديم ولا تأخير.
5- اتباع أكثر الناس يؤدي إلى الضلال فلذا لا يتبع إلا أهل العلم الراسخون فيه لقوله تعالى : { ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون}.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .
‏الأربعاء, ‏25 ‏جمادى الأولى, ‏1438
تفسير سورة الأنعام.
الآيات /118/119/120/121/.
{فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ (118) وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (119) وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُواْ يَقْتَرِفُونَ (120) وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121)}.
شرح الكلمات:
{مما ذكر اسم الله عليه} : أي قيل عند ذبحه أو نحره بسم الله والله أكبر.
{فصل لكم ما حرم عليكم}: أي بين لكم ما حرم عليكم مما أحل لكم وذلك في سورة النحل.
{ إلا ما اضطررتم إليه }: أي ألجأتكم الضرورة وهي خوف الضرر من الجوع.
{المعتدين}: المتجاوزين الحلال إلى الحرام، والحق إلى الباطل.
{ذروا ظاهر الإثم: اتركوا}: الإثم الظاهر والباطن وهو كل ضار فاسد قبيح .
{يقترفون} : يكسبون الآثام والذنوب.
{وإنه لفسق}: أي الأكل مما لم يذكر اسم الله عليه.
فسق عن طاعة الله تعالى.
{إلى أوليائهم ليجادلوكم}: أي من الإنس ليخاصموكم في ترك الأكل من الميتة.
{ لمشركون }: حيث أحلوا لكم ما حرم عليكم فاعتقدتم حله فكنتم بذلك عابديهم وعبادة غير الله تعالى شرك.
معنى الآيات:
مما أوحى به شياطين الجن إلى إخوانهم من شياطين الإنس أن قالوا للرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين: كيف تأكلون ما تقتلونه أنتم وتمتنعون عن أكل ما يقتله الله؟ فأنزل الله تعالى قوله: {فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين}.هذه الآية نص في مشروعية التسمية عند الذبح وعند الأكل والشرب.
فأمر المؤمنين بعدم الاستجابة لما يقوله المشركون، وقال {وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه} أي: أي شيء يمنعكم من الأكل مما ذكر اسم الله عليه؟ {وقد فصل لكم} أي بين لكم غاية التبيين {ما حرم عليكم} من المطاعم {إلا ما اضطررتم إليه} أي ألجأتكم الضرورة إليه كمن خاف على نفسه الهلاك من شدة الجوع فإنه يأكل مما حرم في حال الإختيار.
ثم أعلمهم أن كثيراً من الناس يضلون غيرهم بأهوائهم بغير علم فيحلون ويحرمون بدون علم وهم في ذلك ظلمة معتدون لأن التحريم والتحليل من حق الرب تعالى لا من حق أي أحد من الناس وتوعدهم بما دل عليه قوله: {إن ربك هو أعلم بالمعتدين} ولازمه أنه سيجازيهم باعتدائهم وظلمهم بما يستحقون من العذاب على اعتدائهم على حق الله تعالى في التشريع بالتحليل والتحريم.
وقوله تعالى في الآية الثالثة: (120) {وذروا ظاهر الإثم وباطنه} يأمر تعالى عباده بترك ظاهر الإثم كالزنى العلني وسائر المعاصي، وباطن الإثم كالزنى السري وسائر الذنوب الخفية وهو شامل لأعمال القلوب وهي باطنة وأعمال الجوارح وهي ظاهرة، لأن الإثم كل ضار فاسد قبيح كالشرك، والزنى وغيرهما من سائر المحرمات.
ثم توعد الذين لا يمتثلون أمره تعالى بترك ظاهر الإثم وباطنه بقوله:
{إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون} أي سيجزيهم يوم القيامة بما اكتسبه من الذنوب والآثام ولا ينجو إلا من تاب منهم وصحت توبته وفي الآية الأخيرة في هذا السياق (121) يقول تعالى ناهياً عباده عن الأكل مما لم يذكر اسم الله تعالى عليه من ذبائح المشركين والمجوس فقال: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} وأخبر أن الأكل مما لم يذكر اسم الله تعالى عليه وهو ذبائح المشركين والمجوس فسق خروج عن طاعة الرب تعالى وهو مقتضي للكفر لما فيه من الرضا بذكر اسم الآلهة التي تعبد من دون الله تعالى، ثم أخبرهم تعالى بأن الشياطين وهم المردة من الجن يوحون إلى الأخباث من الإنس من أوليائهم الذين استجابوا لهم في عبادة الأوثان يوحون إليهم بمثل قولهم: كيف تحرمون ما قتل الله وتحلون ما قتلتم أنتم؟ ليجادلوكم بذلك، ويحذر تعالى المؤمنين من طاعتهم وقبول وسواسهم فيقول {وإن أطعتموهم} فأكلتم ذبائحهم أو تركتم أكل ما ذبحتم أنتم وقد ذكرتم عليه اسم الله، {إنكم لمشركون} لأنكم استجبتم لما تأمر به الشياطين تاركين ما يأمر به رب العالمين.
هداية الآيات.
من هداية الآيات:
1- حِلُّ أكل من ذبائح المسلمين.
روى النسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} قال: خاصمهم المشركون فقالوا: ما ذبح الله فلا تأكلوه، وما ذبحتم أنتم أكلتموه فقال الله سبحانه {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه}.
2- وجوب ذكر اسم الله على بهيمة الأنعام عند تذكيتها .
إن هذا اللفظ الوارد على سبب معين لا يمنع العموم
إذ القاعدة الأصولية أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب
ومن هنا تعين معرفة ما يلي:
أولاً: وجوب التسمية عند الذبح والنحر.
ثانياً: إن ترك المسلم التسمية سهواً أكلت ذبيحته،
ثالثاً: إن تركها عمدا لم تؤكل ذبيحته،
رابعاً: قال بعض الفقهاء ترك المسلم التسمية عمداً لا يحرم ذبيحته إلا أن يكون تركها مستخفاً بها.
3- حرمة إتباع الأهواء ووجوب إتباع العلماء.
4- وجوب ترك الإثم ظاهراً كان أو باطناً وسواء كان من أعمال القلوب أو أعمال الجوارح.
5- حرمة الأكل من ذبائح المشركين والمجوس والملاحدة البلاشفة الشيوعيين.
6- اعتقاد حل طاعة الشياطين شرك والعياذ بالله تعالى.
الآية دليل على أن من استحل شيئاً مما حرم الله تعالى صار به مشركاً وقد حرَّم الله سبحانه الميتة نصاً فإذا قبل تحليلها من غيره فقد أشرك. وقال ابن العربي إنما يكون المؤمن بطاعة المشرك مشركاً إذا أطاعه في الاعتقاد. أما إن أطاعه في الفعل وعقيدته سليمة مستمر على التوحيد والتصديق فهو عاص غير كافر.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .
‏‏الخميس, ‏26 ‏جمادى الأولى, ‏1438

تفسير سورة الأنعام.
الآيات /122/123/124/.
{أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ(122) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ(123) وَإِذَا جَاءتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللّهِ اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ اللّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ(124)
شرح الكلمات:
{ميتاً}: الميت فاقد الروح، والمراد روح الإيمان.
{ أحييناه }: جعلناه حياً بروح الإيمان.
{مثله}: صفته ونعته امرؤ في الظلمات ليس بخارج منها.
الآية عامة في كل كافر ومؤمن والموت قد يطلق أيضاً على الجهل. فالجاهل ميت وحياته بالعلم كما قال الشاعر:
وفي الجهل قبل الموت موت لأهله ... فأجسامهم قبل القبور قبور
وإن امرؤاً لم يحيى بالعلم ميت ... فليس له حتى النشور نشور
{قرية} : مدينة كبيرة.
{ليمكروا فيها}: بفعل المنكرات والدعوة إلى ارتكابها بأسلوب الخديعة والاحتيال.
{وما يمكرون إلا بأنفسهم }: لأن عاقبة المكر تعود على الماكر نفسه لآية {ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله}.
{وإذا جاءتهم آية }: أي من القرآن الكريم تدعوهم إلى الحق.
{صغار}: الصغار: الذل والهران.
الصغار من الصغر ضد الكبر كأن الذل يُصغر إلى المرء نفسَه والفعل صغر يصغر من باب نَصر، وصغِر يصغر من باب علم يعلم. والمصدر الصغر بفتح الصاد والغين معاً والصغار الاسم واسم الفاعل صاغر وهو الراضي بالضيم.
معنى الآيات:
مازال السياق الكريم في حرب العادلين بربهم الأصنام الذين يزين لهم الشيطان تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرم فقال تعالى:
{أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس} أي طاعة هذا العبد الذي كان ميتاً بالشرك والكفر فأحييناه بالإيمان والتوحيد وهو عمر بن الخطاب أو عمار بن ياسر كطاعة من مثله رجل في الظلمات ظلمات الشرك والكفر والمعاصي ليس بخارج من تلك الظلمات وهو أبو جهل والجواب لا، إذاً كيف أطاع المشركون أبا جهل وعصوا عمر رضي الله عنه والجواب: أن الكافرين لظلمة نفوسهم وإتباع أهوائهم لا عقول لهم زُين لهم عملهم الباطل حسب سنة الله تعالى في أن من أحب شيئاً وغالى في حبه على غير هدى ولا بصيرة يصبح في نظره زيّناً وهو شيْن وحسناً وهو قبيح، فلذا قال تعالى: {وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها} فيهلكوا أيضاً.
وقوله: {وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون} هو كما قال: قوله الحق وله الملك، فالماكر من أكابر المجرمين حيث أفسدوا عقائد الناس وأخلاقهم وصرفوهم عن الهدى بزخرف القول والاحتيال والخداع، هم في الواقع يمكرون بأنفسهم إذ سوف تحل بهم العقوبة في الدنيا وفي الآخرة، إذ لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ولكنهم لا يشعرون أي لا يدرون ولا يعلمون أنهم يمكرون بأنفسهم.
وقوله تعالى في الآية الثالثة (124) {وإذا جاءتهم آية..} أي حجة عقلية مما تحمله آيات القرآن تدعوهم إلى تصديق الرسول والإيمان بما جاء به ويدعو إليه من التوحيد بدل أن يؤمنوا {قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله } أي من المعجزات كعصا موسى وطير عيسى الذي نفخ فيه فكان طائراً بإذن الله فرد الله تعالى عليهم هذا العلو والتكبر قائلاً: {الله أعلم حيث يجعل رسالته} فإنه يجعلها في القلوب المشرقة والنفوس الزكية، لا في القلوب المظلمة والنفوس الخبيثة،هذه مقالة بعضهم قال الوليد بن المغيرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كانت النبوة حقاً لكنت أولى بها منك لأني أكبر سناً وأكثر منك مالاً. وقال أبو جهل: والله لا نرضى به أبداً ولا نتبعه إلاَّ أن يأتينا وحي كما يأتيه.
وقوله تعالى {سيصيب الذين أجرموا} على أنفسهم بالشرك والمعاصي وعلى غيرهم حيث أفسدوا قلوبهم وعقولهم، {صغار}: أي ذل وهوان {عند الله} يوم يلقونه {وعذاب شديد} قاس لا يطاق {بما كانوا يمكرون}: أي بالناس بتضليلهم وإفساد قلوبهم وعقولهم بالشرك والمعاصي التي كانوا
يجرئونهم عليها ويغرونهم بها.
هداية الآيات:
من هداية الآيات :
1- الإيمان حياة، والكفر موت، المؤمن يعيش في نور والكافر في ظلمات.
2- بيان سنة الله تعالى في تزيين الأعمال القبيحة.
3- قل ما تخلو مدينة من مجرمين يمكرون فيها.
4- عاقبة المكر عائدة على الماكر نفسه.
5- بيان تعنت المشركين في مكة على عهد نزول القرآن.
6- الرسالة توهب لا تكتسب.
7- بيان عقوبة أهل الإجرام في الأرض.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .
‏الجمعة, ‏27 ‏جمادى الأولى, ‏1438

تفسير سورة الأنعام.
الآيات /125/126/127/128/.
{فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ (125) وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ(126) لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (127) وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ (128)}.
شرح الكلمات:
{شرح صدره}: شرح الصدر توسعته لقبول الحق وتحمل الوارد عليه من أنوار الإيمان وعلامة ذلك: الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور والاستعداد للموت قبل نزوله.
الشرح أصله التوسعة وشرح الأمر بيّنه وأوضحه ومنه تشريح اللحم والشريحة منه القطعة.
وشرح الصدر لقبول الحق توسعته لتقُّبل ما يلقى إليه من الهدى وفي الحديث الصحيح "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين".
{حرجاً}: ضيقاً لا يتسع لقبول الحق، ولا لنور الإيمان.
الحرج والحرج بالفتح والكسر قراءتان وهو الضيق وكل ضيق حرج والحرجة الغيضة والجمع حروج وحرجات وقال ابن عباس رضي الله عنهما: الحرج موضع الشجر الملتف فقلب الكافر لضيقه لا تصل إليه المعرفة كما لا تصل الشاة إلى الشجر الملتف أو تدخل رأسها بين الشجر فيصعب عليها إخراجه فتقع في حرج، والحرج الإثم.
{كأنما يصعد} : يصعب عليه قبول الإيمان حتى كأنه يتكلف الصعود إلى السماء.
{الرجس}: النجس وما لا خير فيه كالشيطان.
أصل الرجس في اللغة النتن وقال مجاهد: الرجس ما لا خير فيه فكما يجعل صدر الكافر ضيقاً لا يقبل الهدى يجعل عليه الرجس فيقبل كل خبيث نتن من الأقوال والاعتقادات.
{فصلنا الآيات}: بيناها وأوضحناها غاية البيان والتوضيح.
{يذكرون}: يذكرون فيتعظون.
{دار السلام }: الجنة، والسلام اسم من أسماء الله تعالى فهي مضافة إلى الله تعالى.دار السلام الجنة والسلام هو الله فدار السلام كبيت الله وهناك معنى آخر وهو أنها دار السلامة من كل أذى ومكروه وآفة.
{استكثرتم}: أي من إضلال الإنس وإغوائهم.
{استمتع بعضنا ببعض}: انتفع كل منَّا بصاحبه أي تبادلنا المنافع بيننا حتى الموت.
{أجلنا الذي أجلت لنا}: أي الوقت الذي وقت لنا وهو أجل موتنا فمتنا.
{ مثواكم }: مأواكم ومقر بقائكم وإقامتكم.
{حكيم عليم}: حكيم في وضع كل شيء في موضعه فلا يخلد أهل الإيمان في النار، ولا يخرج أهل الكفر منها، عليم بأهل الإيمان وأهل الكفران.

معنى الآيات:
بعد ذلك البيان والتفصيل لطريق الهداية في الآيات من أول السورة إلى قوله تعالى حكاية عن المدعوين إلى الحق العادلين به الأصنام إذ قالوا: {لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله}.
أعلم تعالى عباده أن الهداية بيده وأن الإضلال كذلك يهدي من يشاء برحمته ويضل من يشاء بعدله، وأن لكل من الهداية والإضلال سنناً تتبع في ذلك فمن طلب الهداية ورغب فيها صادقاً علم تعالى ذلك منه وسهل له طرقها وهيأ له أسبابها، ومن ذلك أنه يشرح صدره لقبول الإيمان وأنواره فيُؤمنُ ويُسلمُ ويحسن فيكمل ويسعد، ومن طلب الغواية ورغب فيها صادقاً علم الله تعالى ذلك منه فهيأ له أسبابها وفتح له بابها فجعل صدره ضيقاً حرجاً لا يتسع لقبول الإيمان وحلول أنواره فيه حتى لكأنه يتكلف الصعود إلى السماء وما هو بقادر.
هذه سنته في الهداية والإضلال، وقوله تعالى {كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون} أي كذلك الفعل في الهداية والإضلال يجعل الله الرجس أي يلقي بكل ما لا خير فيه على قلوبهم من الكبر والحسد والشرك والكفر والشيطان لقبول المحل لكل ذلك نتيجة خلوه من الإيمان بالله ولقائه.
وقوله تعالى: {وهذا صراط ربك مستقيماً} يقول تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم مشيراً إلى ما بينه من الهدى وهذا طريق ربك مستقيماً فاسلكه والزمه فإنه يفضي بك إلى كرامة ربك وجواره في جنات النعيم. وقوله: {قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون} يمتن تعالى وله الحمد والمنة بما أنعم به على هذه الأمة من تفصيل الآيات حججاً وبراهين وشرائع ليهتدي طالبوا الهدى المشار إليهم بقوله {لقوم يذكرون} فيذكرون فيؤمنون ويعملون فيكملون ويسعدون في دار السلام إذ قال تعالى: {لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم} أي متوليهم بالنصر والتأييد في الدنيا والإنعام والتكريم في الآخرة {بما كانوا يعملون} من الصالحات.
هذا ما دلت عليه الآيات الأولى والثانية والثالثة .
أما الآية الرابعة (128) فقد تضمنت عرضاً سريعاً ليوم القيامة الذي هو ظرف للجزاء على العمل في دار الدنيا فقال تعالى : {ويوم يحشرهم جميعاً} إنسهم وجنهم ويقول سبحانه وتعالى :{يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس} أي في إغوائهم وإضلالهم، {وقال أولياؤهم من الإنس} أي الذين كانوا يوالونهم على الفساد والشر والشرك والكفر {ربنا} أي يا ربنا {استمتع بعضنا ببعض} أي كل منا تمتع بخدمة الآخر له وانتفع بها، يريدون أن الشياطين زينت لهم الشهوات وحسنت لهم القبائح وأغرتهم بالمفاسد فهذا انتفاعهم منهم وأما الجن فقد انتفعوا من الإنس بطاعتهم والاستجابة لهم حيث خبثوا خبثهم وضلوا ضلالهم.
وقولهم {وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا} أي واستمر ذلك منا إلى أن انتهينا إلى أجلنا الذي أجلته لنا وهو نهاية الحياة الدنيا وها نحن بين يديك، كأنهم يعتذرون بقولهم هذا فرد الله تبارك وتعالى عليهم بإصدار حكمه فيهم قائلاً: {النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله} ومعنى مثواكم: مقامكم الذي تقيمون فيه أبداً.المثوى المقام أي النار موضع مقامكم.
ومعنى قوله {إلا ما شاء الله} هو استثناء لبيان إرادة الله المطلقة التي لا يقيدها شيء، إذ لو شاء أن يخرجهم من النار لأخرجهم أي ليس هو بعاجز عن ذلك، ومن الجائز أن يكون هذا الاستثناء المراد به من كان منهم من أهل التوحيد ودخل النار بالفسق والفجور وكبير الذنوب بإغواء الشياطين له فإنه يخرج من النار بإيمانه، ويكون معنى (ما) (من) أي إلا من شاء الله. والله أعلم بمراده.
//ذكر المفسرون أقوالاً كثيرة في هذا الاستثناء وما ذكرته في التفسير أحسن ما يؤول به هذا الاستثناء الإلهي في هذه الآية وفي آية هود.//
وقوله في ختام الآية، {إن ربك حكيم عليم}، ومن مظاهر حكمنه وعلمه إدخال أهل الكفر والمعاصي النار أجمعين الإنس والجن سواء.
هداية الآيات
من هداية الآيات :.
1- بيان سنة الله تعالى في الهداية والإضلال.
2- بيان صعوبة وشدة ما يعاني الكافر إذا عرض عليه الإيمان.
3- القلوب الكافرة يلقى فيها كل ما لا خير فيه من الشهوات والشبهات وتكون مقراً للشيطان.
4- فضيلة الذكر المنتج للتذكر الذي هو الاتعاظ فالعمل.
5- ثبوت التعاون بين أخباث الإنس والجن على الشر والفساد.
6- إرادة الله مطلقة يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد فلا يؤثر فيها شيء.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mohamadalzabe.yoo7.com
 
تفسير سورة الأنعام 6
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشيخ محمد امين الزعبي :: دراسات قرآنية-
انتقل الى: