الفقه المنهجي رقم (125).
على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى.
شروط انعقاد اليمين:
يشترط لانعقاد اليمين تحقّق الأمور التالية:
1 - أن يكون الحالف بالغاً عاقلاً:
وذلك لرفع القلم والمؤاخذة عن غير البالغ العاقل، والدليل في ذلك ما رواه أبو داود [في الحدود ـ باب ـ في المجنون يسرق، أو يصيب حدّاً، رقم: 4403] وغيره، عن علي - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: رُفعَ القلمُ عن ثلاثة: عن النائمِ حتى يستيقظ، وعن الصبيِّ حتى يحتلمَ، وعن المجنون حتى يعقل ".
[يحتلم: يبلغ].
2 - أن لا يكون اليمين لغواً:
وذلك كقولهم: بلى والله، ولا والله، ونحو ذلك مما يدرج على ألسنة الناس، بغير قصد، ويشيع في العُرْف ذلك.
وقد سبق دليل من الكتاب والسنّة عند الكلام عن تعريف اليمين اصطلاحاً.
3 - أن يكون القَسَم بواحد مما يلي:
أ) ذات الله عزّ وجلّ:
كقول الشخص: أقسم بذات الله تعالى، أو أقسم بالله عزّ وجلّ.
ب) أحد أسمائه تعالى الخاصة به:
كقول القائل: أقسم بربّ العالمين، أو بمالك يوم الدين، أو أقسم بالرحمن.
ج) صفة من صفاته تعالى:
وذلك مثل قول الإنسان: أقسم بعزة الله، أو بعلمه، أو بإرادته، أو بقدرته.
والأصل في كل ما ذكر ما جاء في السنة الصحيحة على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
روى البخاري [في الأيمان والنذور ـ باب ـ لا تحلفوا بآبائكم، رقم: 6270] ومسلم [في الأيمان ـ باب ـ النهي عن الحلف بغير الله تعالى، رقم: 1646] عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنه -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أدرك عمر بن الخطاب، وهو يسير في ركب، يحلف بأبيه، فقال " ألا إنَّ اللهَ ينهاكم أن تَحلفوا بآبائِكم، من كان حالفاً فليحلفْ باللهِ، أو ليَصْمُتُ}".
وروى البخاري [في الأيمان النذور ـ باب ـ كيف كان يمين النبي - صلى الله عليه وسلم - رقم 6253] عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: كانت يمين النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لا ومقلِّبِ القلوبِ ".
وثبت في أكثر من حديث عند البخاري وغيره، أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في حَلِفه: " والذي نفسي بيدِهِ"، " والذي نفسُ محمدٍ بيدِهِ". [البخاري، في كتاب الأيمان والنذور ـ باب ـ كيف كانت يمين النبي - صلى الله عليه وسلم -، رقم 6254، 6255].
فلو أن أحداً أقسم بغير ما ذكر لم ينعقد يمينه، لسببين:
أولهما: حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السابق: " مَن كان حالفاً، فليحلفْ بالله، أو ليَصمتْ".
ثانيهما: فَقْدُ كمال العظمة في غير ما ذُكر، والمؤمن منهيّ عن تعظيم غير الله عزّ وجلّ تعظيماً ذاتياً.
وَصَـلِّ اللهُم عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمْ ومن استن بسنته الى يوم الدين .