الفقه المنهجي رقم (126).
على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى.
اليمين صريح وكناية:
ثم إن اليمين ينقسم إلى قسمين: صريح، وكناية.
1 - الصريح:
واليمين الصريح: هو كل ما أقسم فيه الشخص باسم من أسماء الله تعالى الخاصة به، كقول القائل: أُقسم بالله، أو أُقسم بربّ العالمين.
2 - الكناية:
وهو أن يقسم بما ينصرف إليه ـ سبحانه وتعالى ـ عند الإطلاق، كقوله: أُقسم بالخالق، أو أُقسم بالرازق، أو الرب.
أو أن يُقسِم بما من شأنه أن يُستعمل في التعبير عن ذات الله تعالى وعن غيره، على حدٍّ سواء، كقول القائل: أقسم بالموجود، أو العالِم، أو الحي.
أو يقسم بصفة من صفات الله عزّ وجلّ: كقدرة الله تعالى، وعلمه، وكلامه.
حكم كل من الصريح والكناية:
1 - حكم اليمين الصريح:
اليمين الصريح يتم انعقاده بمجرّد التلفّظ به، ولا يُقبل قول الحالف: لم أُرِد به اليمين، لأن هذه الألفاظ لا تحتمل غير اليمين.
فلو قال: قصدت بلفظ (الله) غير ذات الله عزّ وجلّ، لم يُقبل منه قوله، ولكن لابدّ فيه من إرادة اليمين المنعقدة.
فلو سبق هذا اللفظ إلى لسانه من غير أن يقصد اليمين، كان لغواً، كما سبق بيانه.
2 - حكم اليمين الكناية:
أما اليمين الكناية، فحكمه أنه لا ينعقد إلا بالنيّة والقصد، فيقبل قول الحالف: لم أقصد اليمين.
فإن قال: أقسم بالخالق، أو الرازق، أو الرب، انعقد يمينه إلا إن أراد بهذه الألفاظ غير ذات الله عزّ وجلّ، فينصرف إلى المعنى الذي أراده، ولا ينعقد كلامه عندئذ يميناً، لأنه قد يستعمل هذا الكلام في غير الله تعالى مقَّيداّ.
قال الله عزّ وجلّ: [وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً] (العنكبوت: 17).
[أي تقولون كذباً، وتصنعون أصناماً بأيديكم، وتسمونها آلهة].
وقال عز من قائل: [فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ] (النساء:
.
وقال جل جلاله: [ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ] (يوسف: 50).
وإن قال: أقسم بالموجود، أو العالم، أو الحي، لم ينعقد كلامه يميناً بمثل هذه الألفاظ، إلا بشرط أن ينوي بها ذات الله عزّ وجلّ، لأنها لما كانت تستعمل للدلالة على ذات الله تعالى، وعلى غيره على حدٍّ سواء لم يتعين يميناً إلا بالنية.
وإن قال: أقسم بقدرة الله تعالى، أو علمه، أو كلامه انعقد كلامه يميناً بشرط أن لا يقصد بالعلم: المعلوم، وبالقدرة، المقدور، وبالكلام: الحروف والأصوات.
فإن قصد ذلك لم ينعقد كلامه يميناً، لأن معلوم الله ومقدوره والحروف والأصوات، ليس شيء منها داخلاً في ذات الله عزّ وجلّ، أو إحدى صفاته.
وَصَـلِّ اللهُم عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمْ ومن استن بسنته الى يوم الدين .