الفقه المنهجي رقم (127).
على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى.
البِرّ باليمين والحنث بها: معناهما وحكمهما:
1 - معنى البِرّ باليمين والحنث بها:
إذا أقسم الإنسان بالله عزّ وجلّ، أو بإحدى صفاته، وكان قَسَمه معقوداً: أي مستوفياً الشروط التي مرّ ذكرها، فلابدّ أن يَؤُول أمره بالنسبة لهذا القسم إلى البِرّ بيمينه، أو الحِنْث به.
فالبِرّ باليمين: هو أن يحقّق ما التزمه بيمينه، إن كان وعداً.
وأن يكون صادقاً فيها إن كان إخباراً عن شيء ثابت.
والحنث فيه: أن لا يحقّق ما قد التزمه، إن كان وعداً والتزاماً. أو يكون كاذباً فيه إن كان إخباراً.
والحنث في الأصل: الذنب، وأطلق على ما ذكر، لأنه سبب له.
2 - حكم البِرِّ باليمين والحنث فيها:
حكم البر باليمين: أنه يرفع عُهدة المسئولية عن صاحبها.
وأما حكم الحنث فيها: فهو ذو حالتين، لكل حالة منهما حكم خاص بها:
الحالة الأولى:
أن يكون الحنث باليمين عبارة عن عدم تحقيق المقسِم لما التزمه بيمينه؛ كأن أقسم بالله تعالى ليتصدقنّ على فقير في يوم كذا، فلم يتصدّق في اليوم المحدود. وحكم هذا الحنث: هو وجوب تكفير الحانث عن يمينه.
وسيأتي بيان كفّارة اليمين بعد قليل، إن شاء الله تعالى.
الحالة الثانية:
أن يكون الحنث باليمين عبارة عن الكذب في إخباره، الذي أبى إلا أن يوثّقه باليمين، كأن يقول: والله إن هذا المتاع ملكي، وهو يعلم أنه ليس ملكه، ويسمى مثل هذا اليمين يميناً غموساً، كما سبق بيانه.
وحكم هذا الحنث استحقاق صاحبه العقاب الكبير من الله عزّ وجلّ مع وجوب الكفارة، لأنه من اليمين المنعقدة.
والفرق بين الحالتين:
أن صاحب الحالة الثانية أكثر استهتاراً باسم الله عزّ وجلّ، إذ هو يُقسِم بالله في الوقت الذي يعلم أنه يقسم بالله كذباً.
أما صاحب الحالة الأولى، فربما كان عازماً عند النطق باليمين على البِرّ باليمين، والعمل بموجبها، لكنه حالَ بينه وبين الوفاء بها حائل، أو أنه تنبّه بعد ذلك إلى شيء هو خير مما التزمه باليمين، فعمل بوصية النبي - صلى الله عليه وسلم -: " مَنْ حلفَ على يمينٍ، فرأى غيرَها خيراً منها، فليأتِ الذي هو خيرٌ، وليكفِّرْ عن يمينه". أخرجه مسلم
[في الأيمان ـ باب ـ ندب مَن حلف يميناً فرأى غيرها .. ، رقم: 1650].
وَصَـلِّ اللهُم عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمْ ومن استن بسنته الى يوم الدين .