الشيخ محمد امين الزعبي
بسم الله الرحمن الرحيم
أهلا وسهلا بكم في منتدى الشيخ محمد أمين الزعبي
الشيخ محمد امين الزعبي
بسم الله الرحمن الرحيم
أهلا وسهلا بكم في منتدى الشيخ محمد أمين الزعبي
الشيخ محمد امين الزعبي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الشيخ محمد امين الزعبي

خطب دينية -صوتيات- فتاوى - تفسير وشرح القرآن الكريم
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تفسير سورة التوبة -2-

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد الزعبي
المدير العام للموقع



المساهمات : 694
تاريخ التسجيل : 11/04/2008

تفسير سورة التوبة -2- Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة التوبة -2-   تفسير سورة التوبة -2- I_icon_minitimeالإثنين سبتمبر 25, 2017 9:52 pm


‏الجمعة, ‏30 ‏شعبان, ‏1438
تفسير سورة التوبة
الآيتان /23/24/.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (23) قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ(24)}.
شرح الكلمات:
{أولياء}: جمع وليّ وهو من تتولاه بالمحبة والنصرة ويتولاك بمثل ذلك.
{استحبوا}: أي أحبوا الكفر على الإيمان.
{الظالمون}: الظلم وضع الشيء في غير موضعه،
ومن أحب من لا تجوز محبته فقد وضع شيئاً في غير موضعه فهو ظالم.
{وعشيرتكم }: أي قرابتكم من النسب كالأعمام الأباعد وأبنائهم.
{اقترفتموها}: أي اكتسبتموها.
{كسادها}: بوارها وعدم رواجها.
{فتربصوا}: أي انتظروا.
{حتى يأتي الله بأمره }: أي بعقوبة هذه المعصية يوم فتح مكة.

معنى الآيتين:
هذا إنذار الله تعالى للمؤمنين ينهاهم فيه عن اتخاذ من كفر من آبائهم وإخوانهم أولياء لهم يوادونهم ويناصرونهم ويطلعونهم على أسرار المسلمين وبواطن أمورهم.
فيقول تعالى: {يا أيها الذين امنوا} أي بالله ورسوله ولقاء الله ووعده ووعيده {لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان} أي اثروا الكفر والإصرار عليه على الإيمان بالله ورسوله ثم يهددهم إن لم يمتثلوا أمره ويفاصلوا آباءهم وإخوانهم المستحبين للكفر على الإيمان فيقول :{ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون} ووجه الظلم ظاهر وهو أنهم وضعوا المحبة موضع البغضاء، والنصرة موضع الخذلان.
والظلم هو وضع الشيء في غير موضعه.
//هذه الآية ما تضمنته من حكم حرمة موالاة الكافرين ولو كانوا من اقرب الأقرباء وهو عام في الأمة إلى يوم القيامة؟ وإن فهم منها بعضهم أنها للمؤمنين الذين كانوا بمكة وغيرها يدعوهم إلى الهجرة والتخلي عن بلاد الكفر.//
//قال ابن عباس: من تولاهم هو مشرك مثلهم لأنّ الرضا بالشرك شرك ويستثنى من هذه المقاطعة الإحسان والهبة للأقارب الكفرة لحديث أسماء إذ قالت: يا رسول الله إنّ أمي قدمت عليّ راغبة وهي شركة أفأصلها؟ قال: صلي أمك. رواه البخاري.//
ثُمَّ أمر تعلى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم، وفي هذا العدول عن خطابهم مباشرة إلى الواسطة ما يشعر بالغضب وعدم الرضى، والتهديد والوعيد: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله} فتركتم الهجرة والجهاد لذلك {فتربصوا حتى يأتي الله بأمره} أي انتظروا أمر الله وهو فتح مكة عليكم وإنزال العقوبة بكم، {والله لا لهدي القوم الفاسقين} أي لا يوفقهم لسبل نجاتهم وسعادتهم.
//هذه الآية نزلت في الذين تخلفوا عن الهجرة إلى المدينة إيثاراً لما ذكر تعالى على حب الله ورسوله والجهاد في سبيل الله تعالى إذ توعدهم تعالى بقوله: {فتربصوا} أي انتظروا ما سيحل بكم إن لم تتوبوا فتهاجروا وتجاهدوا.//
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- حرمة اتخاذ الكافرين أولياء يُوادون ولو كانوا من أقرب الأقرباء كالأب والابن والأخ.
2- من الظلم الفظيع موالاة من عادى الله ورسوله والمؤمنين.
3- فرضية محبة الله ورسوله والجهاد في سبيله، ومحبة سائر محاب الله تعالى وكره سائر مكاره الله تعالى من العقائد والأحوال والأعمال والذوات والصفات.
4- حرمان أهل الفسق المتوغلين فيه من هداية الله تعالى إلى ما يكملهم ويسعدهم.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

‏السبت, ‏01 ‏رمضان, ‏1438
تفسير سورة التوبة
الآيات /25/26/27/28/.
{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ(25) ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ(26) ثُمَّ يَتُوبُ اللّهُ مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَن يَشَاء وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(27) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(28)}.

شرح الكلمات:
{في مواطن} : المواطن جمع موطن بمعنى الوطن وهو محل إقامة الإنسان.
{حنين }: وادٍ على بعد أميال يسيرة من الطائف.
{إذ أعجبتكم كثرتكم}: أي كثرة عددكم حتى قال من قال: لن نغلب اليوم من قلة.
{فلم تغن عنكم شيئاً}: أي لم تجز عنكم شيئاً من الإجزاء إذ انهزمتم في أول اللقاء.
{وضاقت عليكم الأرض }: أي لم تعرفوا أين تذهبون، وكيف تتصرفون كأنكم محصورون في مكان ضيق.
{بما رحبت}: أي على رحابتها وسعتها.
{أنزل الله سكينته }: أي الطمأنينة في نفوسهم، فذهب القلق والاضطراب.
{وأنزل جنوداً}: أي من الملائكة.
{نجس}: أي ذوو نجس وذلك لخبث أرواحهم بالشرك.
{بعد عامهم هذا} : عام تسعة من الهجرة.
{عيلة}: أي فقراً وفاقه وحاجة.

معنى الآيات:
لما حرم الله على المؤمنين موالاة الكافرين ولو كانوا أقرباءهم وحذرهم من القعود عن الهجرة والجهاد، وكان الغالب فيمن يقعد عن ذلك إنما كان لجبنه وخوفه أخبرهم تعالى في هذه الآيات الثلاث أنه ناصرهم ومؤيدهم فلا يقعد بهم الجبن والخوف عن أداء الواجب من الهجرة والجهاد فقال تعالى: {لقد نصركم الله في مواطن كثيرة} كبْدَر والنضير وقريظة والفتح وغيرها {ويوم حنين} حين قاتلوا قبيلة هوازن مذكراً إياهم بهزيمة أصابت المؤمنين نتيجة خطأ من بعضهم وهو الاغترار بكثرة العدد إذ قال من قال منهم: لن نغلب اليوم عن قلة إذ كانوا اثني عشر ألفاً وكان عدوهم أربعة آلاف فقط، إنهم ما إن توغلوا بين جنبتي الوادي حتى رماهم العدو بوابل من النبل والسهام فلم يعرفوا كيف يتصرفون حتى ضاقت عليهم الأرض على سعتها وولوا مدبرين هاربين ولم يثبت إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان على بغلته البيضاء المسماة (بالدُلْدُل) والعباس إلى جنبه وأبو سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب ابن عمه، ثم نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن يا أصحاب سورة البقرة هلموا أصحاب السمرة (شجره بيعة الرضوان) هلموا. فتراجعوا إلى المعركة ودارت رحاها و {أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنوداً} تلامس القلوب وتنفخ فيها روح الشجاعة والصبر والثبات، فصبروا وقاتلوا وما هي إلا ساعة وإذا بالعدو سبي بين أيديهم ولم يحصل لهم أن غنموا يوماً مثل ما غنموا هذا اليوم إذ بلغ عدد الإبل اثني عشر ألف بعير، ومن الغنم مالا يحصى ولا يعد.
بهذا جاء قوله تعالى: {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين} أي هاربين من العدو {ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنوداً}
أي من الملائكة {لم تروها} {وعذب الذين كفروا} أي هوازن {وذلك} أي القتل والسبي {جزاء الكافرين} بالله ورسوله.
وقوله تعالى {ثم يتوب الله على من يشاء} أي بعد قتالكم للكافرين وقتلكم من تقتلون يتوب الله على من يشاء ممن بقوا أحياء بعد الحرب {والله غفور رحيم} فيغفر لمن يتوب عليه من المشركين ماضي ذنوبه من الشرك وسائر الذنوب ويرحمه بأن يدخله الجنة مع من يشاء من المؤمنين الصادقين في إيمانهم هذا ما دلت عليه الآيات الثلاث.
أما الآية الرابعة {يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا} فإنه تعالى أمر المؤمنين بأن يمنعوا من دخول المسجد الحرم كل مشرك ومشركة لأن المشرك نجس الظاهر والباطن فلا يحل دخولهم إلى المسجد الحرام كل مشرك ومشركة لأن المشرك نجس الظاهر والباطن فلا يحل دخولهم إلى المسجد الحرام وهو مكة والحرم حولها، ومن يومئذ لم يدخل مكة مشرك،
وقوله تعالى {وإن خفتم علية} أي فقراً لأجل انقطاع المشركين عن الموسم حيث كانوا يحلبون التجارة يبيعون ويشترون فيحصل نفع للمسلمين {فسوف يغنيكم الله من فضله} فامنعوا المشركين ولا تخافوا الفقر وقوله تعالى {إن شاء إن الله عليم حكيم} استثناء منه تعالى حتى تبقى قلوب المؤمنين متعلقة به سبحانه وتعالى راجية خائفة غير مطمئنة غافلة، وكونه تعالى عليماً حكيماً يرشح المعنى المذكور فإن ذا العلم والحكمة لا يضع شيئاً إلا في موضعه فلا بد لمن أراد رحمة الله أو فضل الله أن يجتهد أن يكون أهلاً لذلك، بالإيمان والطاعة العامة والخاصة.
// عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار وألفان من مسلمة الفتح وهم الطلقاء وهزموا من أجل قول بعضهم: لن نغلب اليوم عن قلة وهو ما يسمى بالعجب وهو محبط للعمل.
روى مسلم عن ابن اسحق قال: جاء رجل إلى البراء فقال: أكنتم وليتم يوم حنين يا أبا عمارة؟ فقال: أشهد على نبي الله صلى الله عليه وسلم ما ولى ولكنه انطلق أخفّاء من الناس وحسّر إلى هذا الحي من هوازن وهم قوم رماة فرموهم برشق من نبل كأنها رجل من جراد فانكشفوا فأقبل القوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو سفيان يقود به بغلته فنزل ودعا واستنصر وهو يقول: "أنا النبي لا كذب أنا ابن عبدالمطلب اللهم نزل نصرك" قال البراء: كنا والله إذا احمّر البأس نتقي به.
في الآية على مشروعية الأخذ بالأسباب إذ قال صلى الله عليه وسلم: " اعقلها وتوكل" قال بعضهم: الأسباب التي يطلب بها الرزق هي الجهاد وأكل الرجل من عمل يده التجارة، الحرث، والغرس، التعليم للعلوم بالأجرة، الاستدانة بنيّة رد الدين.//
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- حرمة العجب بالنفس والعمل إذ هو أي العجب من العوائق الكبيرة عن النجاح.
2- بيان إفضال الله تعالى وإكرامه لعباده المؤمنين.
3- بيان الحكمة من القتال في سبيل الله تعالى.
4- تقرير نجاسة الكافر المعنوية.
5- منع دخول المشرك الحرم المكي كائناً من كان بخلاف باقي المساجد فقد يؤذن للكافر لمصلحة أن يدخل بإذن المسلمين.
6- لا يمنع المؤمن من امتثال أمر ربّه الخوف من الفاقة والفقر فإن الله تعالى تعهد بالإغناء إن شاء .
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

‏الأحد, ‏02 ‏رمضان, ‏1438
تفسير سورة التوبة
الآية /29/.
{قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ(29)}.

شرح الكلمات:
{لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر}: أي إيماناً صحيحاً يرضاه الله تعالى لموافقة الحق والواقع.
{ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله} : أي كالخمر والربا وسائر المحرمات.
ولا يدينون دين الحق: أي الإسلام إذ هو الدين الذي لا يقبل ديناً سواه.
{من الذين أوتوا الكتاب}: أي اليهود والنصارى.
{الجزية }: أي الخراج المعلوم الذي يدفعه الذمي كل سنة.
{عن يد وهم صاغرون} : أي يقدمونه بأيديهم لا ينيبون فيه غيرهم، {وهم صاغرون}: أي أذلاء منقادون لحكم الإسلام هذا.
وفسّر قوله: {عن يد} بالقوة على دفع الجزية بأن يكون المطالب بها قادراً على أدائها لغناه وعدم فقره. وهو تفسير حق لأنّ الفقير منهم لا يطالب بالجزية في حال فقره، وما في التفسير أصحّ.
معنى الآية الكريمة:
لما أمر الله تعالى رسوله والمؤمنين بقتال المشركين حتى يتوبوا من الشرك ويوحدوا ويعبدوا الله تعالى بما شرع أمر رسوله عليه الصلاة والسلام في هذه الآية والمؤمنين بقتال أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى إلى أن يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، وجعل إعطاء الجزية غايةً لنهاية القتال، لا الإسلام، لأن الإسلام يعرض أولاً على أهل الكتاب فإن قبلوه فذاك وإن رفضوه يطلب منهم الدخول في ذمة المسلمين وحمايتهم تحت شعار الجزية وهي رمز دال على قبولهم حماية المسلمين وحكمهم بشرع الله تعالى فإذا أعطوها حقنوا دماءهم وحافظوا أموالهم، وأمنوا في حياتهم المادية والروحية، هذا ما تضمنته الآية الكريمة:
{قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون}.
وإن قيل اليهود والنصارى يؤمنون بالله وباليوم الآخر فكيف نفت الآية عنهم ذلك؟
والجواب أن اليهود في إيمانهم بالله مشبهة مجسمة يصفون الله تعالى بصفات تعالى الله عنها علواً كبيراً،
والنصارى يعتقدون أن الله حلّ في المسيح، وإن الله ثالث ثلاثة والله ليس كذلك فهم إذاً لا يؤمنون بالله تعالى كما هو الله الإله الحق، فلذا إيمانهم باطل وليس بإيمان يضاف إلى ذلك أنهم لو آمنوا بالله لآمنوا برسوله محمد صلى الله عليه وسلم ولو آمنوا باليوم الآخر لأطاعوا الله ورسوله لينجوا من عذاب اليوم الآخر وليسعدوا فيه بدخول الجنة فلما لم يؤمنوا ولم يعملوا كانوا حقاً كافرين غير مؤمنين، وصدق الله العظيم حيث نفى عنهم الإيمان به وباليوم الآخر، والله أعلم بخلقه من أنفسهم.

هداية الآية الكريمة
من هداية الآية الكريمة:
1-وجوب قتال أهل الكتاب حتى يسلموا أو يدخلوا في حكم الإسلام وذلك من أجل إعدادهم للإسلام ليكملوا عليه ويسعدوا به.
2- الإيمان غير الصحيح لا يعتبر إيماناً منجياً ولا مسعداً.
3- استباحة ما حرم الله من المطاعم والمشارب والمناكح كفر صريح.
4- مشروعية أخذ الجزية من أهل الكتاب وهي مقدّرة1 في كتب الفقه مبينة وهي بحسب غنى المرء وفقره وسعته وضيقه.
الآية صريحة في عدم اعتبار إيمان اليهود والنصارى بالله واليوم الآخر إيماناً صحيحاً يزكى النفس ويؤهل لدخول الجنة، وهذا لأمرين: الأول: لما داخل إيمانهم من التحريف والتغيير فلم يكن إيمانهم بركني الإيمان العظيمين الإيمان بالله واليوم الآخر إيماناً صحيحاً مقبولاً شرعاً فلذا عُد كلا إيمان. والثاني: لأنهم لو آمنوا بالله ولقائه حق الإيمان لآمنوا برسوله محمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به من الهدى، ولاستقاموا على شرع الله فأحلوا ما أحل وحرموا ما حرم.
المجوس والصابئة لم يذكرا في الآية، والذي به العمل عند عامة الفقهاء أنهم يسنّ بهم سنة أهل الكتاب في قبول الجزية منهم وإدخالهم في ذمة المسلمين.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

‏الإثنين, ‏03 ‏رمضان, ‏1438
تفسير سورة التوبة
الآيات /30/31/32/33/.
{وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ(31) يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ(33)}
شرح الكلمات:
{عُزير}: هو الذي أماته الله مائة عام ثم بعتثه، واليهود يسمونه: عِزْرا.
{المسيح}: هو عيسى بن مريم عليهما السلام.
{يضاهئون}: أي يشابهون.
{قول الذين كفروا}: أي من آبائهم وأجدادهم الماضين.
{قاتلهم الله }: أي لعنهم الله لأجل كفرهم.
{أنى يؤفكون}: أي كيف يصرفون عن الحق.
{أحبارهم ورهبانهم}: الأحبار جمع حبر: علماء اليهود، والرهبان جمع راهب عابد النصارى.
{أرباباً من دون الله }: أي آلهة يشرعون لهم فيعملون بشرائعهم من حلال وحرام.
{نور الله} : أي الإسلام لأنه هاد إلى الإسعاد والكمال في الدارين.
{بأفواههم}: أي بالكذب عليه والطعن فيه وصرف الناس عنه.
{رسوله}: محمداً صلى الله علمه وسلم.

معنى الآيات:
لما أمر تعالى بقتال أهل الكتاب لكفرهم وعدم إيمانهم الإيمان الحق المنجي من النار ذكر في هذه الآيات الثلاث ما هو مقرر لكفرهم ومؤكد له فقال: {وقالت اليهود عزير ابن الله} ونسبة الولد إلى الله تعالى كفر بجلاله وكماله
//قرأ عاصم {عزير} بالتنوين، وقرأ نافع بغير تنوين، وقوله تعالى {وقالت اليهود} هو كقوله تعالى: {الذين قال لهم الناس.. } فهو لفظ عام، والمراد به الخصوص إذ ما كلُ اليهود قالوا بهذه القولة ولا كل الناس وإنما بعضهم.
{وقالت النصارى المسيح ابن الله} ونسبه الولد إليه تعالى كفر به عز وجل وبماله من جلال وكمال
وقوله تعالى: {ذلك قولهم بأفواههم} أي ليس له من الواقع شيء إذ ليس لله تعالى ولد، وكيف يكون له ولد ولم تكن له زوجة، وإنما ذلك قولهم بأفواههم فقط {يضاهئون به} أي يشابهون به {قول الذين كفروا من قبل}
يقال: امرأة ضهياً: للتي لا تحيض ولا ثدي لها كأنها أشبهت الرجل.
// أي: شابه قولهم قول الكافرين من قبلهم وهم أسلافهم الذين قلدوهم أو قول العرب الذين قالوا: الملائكة بنات الله. تعالى الله عن البنت والولد علواً كبيراً.
//الحِبر بكسر الحاء. المداد، وبفتحها العالم، والرهبان: جمع راهب مأخوذ من الرهبة، والراهب الحق.
هو من حمله خوف الله على أن يخلص له النية في القول والعمل ويجعل زمانه له وعمله له وأنسه به.//
وهم اليهود الأولون وغيرهم وقوله تعالى {قاتلهم الله أنى يؤفكون}
دعاء عليهم باللعن والطرد من رحمة الله تعالى.
وقوله {أنى يؤفكون} أي كيف يصرفون عن الحق ويبعدون عنه بهذه الصورة العجيبة وقوله {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله}
هذا دليل آخر على كفرهم وشركهم إذ قبولهم قول علمائهم وعبادهم والإذعان له والتسليم به حتى أنهم ليحلون لهم الحرام فيحلونه ويحرمون عليهم الحلال فيحرمونه، شرك وكفر والعياذ بالله.
وقوله {والمسيح ابن مريم} أي اتخذه النصارى رباً وإلهاً.
وقوله تعالى {وما أمروا إلا ليبعدوا إلهاً واحداً} أي لم يأمرهم أنبياؤهم كموسى وعيسى وغيرهما إلا بعبادة الله تعالى وحده لا إله إلا هو ولا رب سواه .
وقوله {سبحانه عما يشركون} نزه تعالى نفسه عن شركهم.
وقوله تعالى {يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم} أي يريد اليهود والنصارى أن يطفئوا نور الله الذي هو الإسلام بأفواههم بالكذب والافتراء، والعيب والانتقاص، {ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون} .
وقد فعل فله الحمد وله المنة، وأصبح الإسلام الظاهر على الأديان كلها.
//شاهده: رواية أحمد: عن المقداد بن الأسود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر إلا دخلته كلمة الإسلام بعزّ عزيز أو بذل ذليل إمّا يعزّهم الله فيجعلهم من أهلها وإمّا يذلهم فيدينون لها".//
هذا ما دلت عليه الآيات الثلاث .
أما الآية الرابعة (33) فقد أخبر تعالى أنه {هو الذي أرسل رسوله}
أي محمداً عليه الصلاة والسلام {بالهدى} وهو القرآن {ودين الحق} الذي هو الإسلام.
وقوله {ليظهره} أي الدين الحق الذي هو الإسلام {على الدين كله ولو كره المشركون} وقد فعل فالإسلام ظاهر في الأرض كلها سمع به أهل الشرق والغرب ودان به أهل الشرق والغرب وسيأتي يوم يسود فيه المسلمون أهل الدنيا قاطبة بإذن الله تعالى.
روى الترمذي عن عدي بن حاتم قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب فقال: "ما هذا يا عديّ اطرح عنك هذا الوثن" وسمعته يقرأ {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح بن مريم} وسئل حذيفة رضي الله عنه عن قول الله تعالى: {اتخذوا أحبارهم ورهباناهم أرباباً مر دون الله} هل عبدوهم؟ قال: لا ولكن أحلّوا لهم الحرام فاستحلوه وحرموا عليهم الحلال فحرموه.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- تقرير كفر اليهود والنصارى بذكر عقائدهم الكفرية.
2- طاعة العلماء ورجال الدين طاعة عمياء حتى يحلوا ويحرموا فيتبعوا شرك.
3- بيان عداء اليهود والنصارى للإسلام وتعاونهم على إفساده وإفساد أهله.
4- بشرى المسلمين بأنهم سيسودون العالم في يوم من الأيام ويصبح الإسلام هو الدين الذي يعبد الله به في الأرض لا غيره، ويشهد لهذا آية {ويكون الدين كله لله} فلو لم يعلم الله أن ذلك كائن لم يجعله غاية وطالب بالوصول إليها.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

‏الثلاثاء, ‏04 ‏رمضان, ‏1438
تفسير سورة التوبة
الآيتان /34/35/.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ(34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ(35)}.

شرح الكلمات:
{بالباطل}: أي بدون حق أباح لهم أكلها.
{ويصدون عن سبيل الله }: أي يصرفون أنفسهم وغيرهم عن الإسلام الذي هو السبيل؟ المفضي بالعبد إلى رضوان الله تعالى.
{يكنزون }: يجمعون المال ويدفنونه حفاظاً عليه ولا يؤدون حقه.
{الذهب والفضة}: هما النقدان المعروفان.
{في سبيل الله}: أي حيث رضا الله كالجهاد وإطعام الفقراء والمساكين.
{فبشرهم }: أي أخبرهم بعذاب أليم: أي موجع.
{يحمى عليها }: لأنها تحول إلى صفائح ويحمى عليها ثم تكوى بها جباههم.
{هذا ما كنزتم}: أي يقال لهم عند كيهم بها: هذا ما كنزتم لأنفسكم توبيخاً لهم وتقريعاً.

معنى الآيتين:
بمناسبة ذكر عداء اليهود والنصارى للإسلام والمسلمين، وأنهم يريدون دوماً وأبداً إطفاء نور الله بأفواههم، ذكر تعالى ما هو إشارة واضحة إلى أنهم ماديون لا همَّ لهم إلا المالُ والرئاسةُ فأخبر المسلمين فقال تعالى:
{يا أيها الذين آمنوا إن كثيراً من الأحبار} وهم علماء اليهود
{والرهبان} وهم رجال الكنائس من النصارى
{ليأكلون أموال الناس بالباطل} كالرشوة، وكتابة صكوك الغفران يبيعونها للسفلة منهم، إلى غير ذلك من الحيل باسم2 الدين،
//قيل كانوا يأخذون من غلات أتباعهم ومن أموالهم ضرائب باسم حماية الدين والقيام بالشرع، وقلدهم الروافض، فإن أئمتهم يأخذون منهم ضرائب هي خمس دخل كل فرد من أي جهة كان هذا الدخل أخبرني بهذا أحد رجالهم في الكويت.//
وقوله تعالى عنهم {ويصدون عن سبيل الله} دليل واضح على أنهم يحاربون الإسلام باستمرار للإبقاء على مناصبهم الدينية يعيشون عليها يترأسون بها على السفلة والعوام من اليهود والنصارى.
وقوله تعالى {والذين يكنزون الذهب والفضة}4 لفظ5 عام يشمل الأحبار والرهبان وغيرهم من سائر الناس من المسلمين ومن أهل الكتاب إلا أن الرهبان والأحبار يتناولهم اللفظ أولاً، لأن من يأكل أموال الناس بالباطل ويصد عن سبيل الله أقرب إلى أن يكنز الذهب والفضة ولا ينفقها في سبيل الله، وقوله تعالى لرسوله {فبشرهم بعذاب أليم} أي أخبرهم معجلاً لهم الخبر في صورة بشارة، وبين نوع العذاب الأليم بقوله {يوم يحمى عليها} أي صفائح الذهب والفضة بعد تحويلها إلى صفائح {في نار جهنم} فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم} أي من كل الجهات الأربع من أمام ومن خلف وعن يمين وعن شمال ويقال لهم تهكماً بهم وازدراء لهم وهو نوع عذاب أشد على النفس من عذاب الجسم (هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون}.
دلت الآية على زكاة العين: الذهب والفضة وهي تجب بأربعة شروط الحرية، والإسلام، والحول، والنصاب السليم من الدين، والنصاب مائتا درهم فضة أو عشرون ديناراً من الذهب، ويكمل أحدهما من الآخر، ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم "ليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول" رواه أبو داود.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "ليس في أقل من مائتي درهم زكاة، وليس في أقل من عشرين ديناراً زكاة" في الصحيح.
روى أبو داود عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية {والذين يكنزون الذهب والفضة} قال كبر ذلك على المسلمين فقال عمر: أنا أفرج عنكم فانطلق قال: يا نبي الله إنه كبُر على أصحابك هذه الآية، فقال: "إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيّب ما بقى من أموالكم وإنما فرض المواريث في أموالكم لتكون لمن بعدكم فكبّر عمر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء: المرأة الصالحة: إذا نظر إليها سرته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته".
هداية الآيتين
من هداية الآيتين :
1- بيان حقيقة علماء اليهود والنصارى، وهي أنهم ماديون باعوا آخرتهم بدنياهم يحاربون الإسلام ويصدون عنه للمحافظة على الرئاسة وللأكل على حساب الإسلام.
2- حرمة أكل أموال الناس بالباطل.
3- حرمة جمع المال وكنزه وعدم الإنفاق منه.
4- المال الذي تؤدى زكاته كل حول لا يقال له كنز ولو دفن تحت الأرض.
5- بيان عقوبة من يكنز المال ولا ينفق منه في سبيل الله وهي عقوبة شديدة.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

‏الأربعاء, ‏05 ‏رمضان, ‏1438
تفسير سورة التوبة
الآيتان /36/37/.
{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ(36) إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ(37)}.

شرح الكلمات:
{عدة} : أي عدد.
{الشهور} : جمع شهر والشهر تسعة وعشرون يوماً، أو ثلاثون يوماً
//المراد بالشهور: ما تتألف منه السنة القمرية، واحدها: شهر، مشتق من الشهرة سميت به الأيام من أوّل ظهور الهلال إلى سراره.//
{في كتاب الله }: أي كتاب المقادير: اللوح المحفوظ.
{أربعة حرم }: هي رجب، والقعدة، والحجة، ومحرم، الواحد منها حرام والجمع حرم.
{الدين القيم }: أي الشرع المستقيم الذي لا اعوجاج فيه.
//أي: الصحيح، والإشارة في قوله: {ذاك الدين القيّم} إلى عدة الشهور، وتقسيمها إلى حُرم وغيرها وإلى عدم ارتكاب الذنوب فيها.//
{فلا تظلموا فيهن أنفسكم}: أي لا ترتكبوا في الأشهر الحرم المعاصي فإنها أشد حرمة.
{كافة }: أي جميعاً وفي كل الشهور حلالها وحرامها.
{مع المتقين}: أي بالتأييد والنصّر، والمتقون هم الذين لا يعصون الله تعالى.
{إنما النسيء}: أي تأخير حرمة شهر المحرم إلى صفر.
{يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً }: أي النسيء عاماً يحلونه وعاماً يحرمونه.
ليواطئوا عدة ما حرم الله: أي ليوافقوا عدد الشهور المحرمة وهي أربعة.
{زين لهم سوء عملهم}: أي زين لهم الشيطان هذا التأخير للشهر الحرام وهو عمل سيء لأنه إفتيات على الشارع واحتيال على تحليل الحرام.

معنى الآيتين:
عاد السياق للحديث على المشركين بعد ذلك الاعتراض الذي كان للحديث عن أهل الكتاب فقال تعالى:
{إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً} لا تزيد ولا تنقص، وأنها هكذا في اللوح المحفوظ.
قوله: {يوم خلق السموات والأرض.. } قاله ليبيّن أن قضاء وقدره كان قبل ذلك وأنه سبحانه وتعالى وضع هذه الشهور وسمّاها بأسمائها يوم خلق السماوات والأرض.
{يوم خلق السموات والأرض} . وأن منها أربعة أشهر حرم أي محرمات وهي رجب، والقعدة والحجة ومحرم، وحرمها الله تعالى أي حرم القتال فيها لتكون هدنة يتمكن العرب معها من السفر للتجارة وللحج والعمرة ولا يخافون أحداً، ولما جاء الإسلام وأعز الله أهله، نسخ حرمة القتال فيها.
وقوله تعالى (ذلك الدين القيّم} أي تحريم هذه الأشهر واحترامها بعدم القتال فيها هو الشرع المستقيم .
وقوله تعالى {فلا تظلموا فيهن أنفسكم} أي لا ترتكبوا الذنوب والمعاصي في الأشهر الحرم فإن ذلك يوجب غضب الله تعالى وسخطه عليكم فلا تعرضوا أنفسكم له.
وقوله تعالى {وقاتلوا المشركين} هذا خطاب للمؤمنين يأمرهم تعالى بقتال المشركين بعد انتهاء المدة التي جعلت لهم وهي أربعة أشهر وقوله {كافة} أي جميعاً لا يتأخر منكم أحد كما هم يقاتلونكم مجتمعين على قتالكم فاجتعموا أنتم على قتالهم.
وقوله {واعلموا أن الله مع المتقين} وهم الذين اتقوا الشرك والمعاصي ومعناه أن الله معكم بنصره وتأييده على المشركين العصاة .
وقوله عز وجل {إنما النسيء زيادة في الكفر} أي إنما تأخير حرمة محرم إلى صفر كما يفعل أهل الجاهلية ليستبيحوا القتالَ في الشهر الحرام بهذه الفُتيا الشيطانية هذا التأخير زيادة في كفر الكافرين، لأنه محاربة لشرع الله وهي كفر قطعاً .
لقوله تعالى {يضل به الذين كفروا} أي بالنسيء يزدادون ضلالاً فوق ضلالهم.
وقوله {يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً} يعني النسيء وهو الشهر الذي أخروه أي أخروا حرمته إلى الشهر الذي بعده ليتمكنوا من القتال في الشهر الحرام، فعاماً يحلون وعاماً يحرمون حتى يوافقوا عدة الأشهر الحُرُم، بلا زيادة ولا نقصان، ظناً منهم أنهم ما عصوا مستترين بهذه الفتيا الإبليسية كما قال تعالى {زين لهم سوء أعمالهم} والمزين للباطل قطعاً هو الشيطان.
وقوله تعالى {والله لا يهدى القوم الكافرين} يخبر تعالى أنه عز وجل لا يهدي القوم الكافرين لما هو الحق والخير وذلك عقوبة لهم على كفرهم به وبرسوله، وإصرارهم على ذلك.
قرأ الجمهور: {النسيء} مهموزاً وقرأ ورش: {النسيّ} بالياء المشددة، وهو فعيل بمعنى مفعول في قولك: نسأت الشيء أنسأه إذا أخّرته، فنقل من منسوء إلى نسيء كما نقل مفتول إلى فتيل لأنّه أخف، وأصل هذا التشريع الجاهلي: أنّ العرب قبل الإسلام كانوا أهل حروب فإذا احتاجوا إلى القتال في الشهر الحرام طلبوا من زعيمهم أن ينسيء المحرّم أي: يؤخره إلى صفر حتى يمكنهم الحرب في المحرم بعد الحج وما زالوا يؤخرون ويقدمون حتى اختلطت الشهور وأصبح رجب جمادى ورمضان شوال وهكذا، ودارت الشهور دورتها، وفي عام حجة الوداع أعلن الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله:
"إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض" يريد أن الشهور قد رجعت إلى مواضعها، وأصبح كل شهر في موضعه فوقع حجّ النبي صلى الله عليه وسلم في موضعه.
والحديث كما في الصحيحين وغيرهما كما يلي:
عَنْ أَبِى بَكْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ, السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ , ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الَّذِى بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ ».
ثُمَّ قَالَ :« أَىُّ شَهْرٍ هَذَا ؟ ». قُلْنَا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ :« أَلَيْسَ ذُو الْحِجَّةِ ». قُلْنَا : بَلَى قَالَ :« فَأَىُّ بَلَدٍ هَذَا؟ ».
قُلْنَا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ :« أَلَيْسَ الْبَلْدَةَ ».
قُلْنَا : بَلَى قَالَ :« فَأَىُّ يَوْمٍ هَذَا؟ ». قُلْنَا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ :« أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ ». قُلْنَا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ -صلى الله عليه وسلم- :« فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ ». قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَحْسِبُهُ قَالَ :« وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِى بَلَدِكُمْ هَذَا فِى شَهْرِكُمْ هَذَا وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ فَلاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى ضُلاَّلاً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ أَلاَ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يُبَلَّغُهُ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ ».
ثُمَّ قَالَ :« أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ ». لَمْ يَسُقِ الشَّافِعِىُّ رَحِمَهُ اللَّهُ مَتْنَهُ وَقَالَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- :« إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ ».
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِى الصَّحِيحِ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ أَبِى شَيْبَةَ
وَرَوَاهُ الْبُخَارِىُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ.
هداية الآيتين
من هداية الآيتين:
1- بيان أن شهور السنة الهجرية اثنا عشر شهراً وأيامها ثلثمائة وخمسة وخمسون يوماً.
وهي: محرم ويجمع على محرمات ومحارم ومحاريم.
وصفر ويجمع على أصفار
وربيع الأول ويجمع على أربعاء وأربعة
وربيع الثاني
وجمادى الأولى ويجمع على جُماديات وتذكر وتؤنث فيقال: الأولى والأول، وجمادى الآخرة والآخر،
ورجب ويجمع على أرجاب ورجاب،
وشعبان ويجمع على شعابين وشعبانات،
ورمضان ويجمع على رمضانات، ورماضين وأرمضة
وشوال ويجمع على شواول وشواويل وشوالات،
القعدة ويجمع على ذوات القعدة
والحِجة بكسر الحاء وفتحها ويجمع على ذوات الحجة.
2- بيان أن الأشهر الحرم أربعة وقد بينها الرسول صلى الله عليه وسلم وهي رجب، والقعدة والحجة ومحرم.
3- حرمة الأشهر الحرم، ومضاعفة السيآت فيها أي قبح الذنوب فيها.
4- صفة المعيّة لله تعالى وهي معية خاصة بالنصر والتأييد لأهل تقواه.
5- حرمة الاحتيال على الشرع بالفتاوى الباطلة لإحلال الحرام، وأن هذا الاحتيال ما هو إلا زيادة في الإثم.
6- تزيين الباطل وتحسين المنكر من الشيطان.
7- حرمان أهل الكفر والفسق من هداية الله تعالى وتوفيقه لما هو حق وخير حالاً ومآلاً.
//وأيام الأسبوع وهي: الأحد ويجمع على آحاد وأوحاد ووحود، والاثنين ويجمع على أثانين، والثلاثاء يذكر ويؤنث ويجمع على ثلاثاوات وأثالث والأربعاء ويجمع على أربعاوات وأرابيع، والخميس ويجمع على أخمسة وأخامس، والجمعة بضم الميم وإسكانها وفتحها ويجمع على جمع وجمعات، والسبت ويجمع على سبوت كفتح وفتوح وأسبات كقمع وأقماع.//
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mohamadalzabe.yoo7.com
 
تفسير سورة التوبة -2-
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشيخ محمد امين الزعبي :: دراسات قرآنية-
انتقل الى: