المسح على الخفينمَسْحٌ عَلَى الْخُفَّيْنِ
التَّعْرِيفُ
1 - الْمَسْحُ لُغَةً مَصْدَرُ مَسَحَ، وَمَعْنَاهُ: إِمْرَارُ الْيَدِ عَلَى الشَّيْءِ بَسْطًا (1).
وَالْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ: إِصَابَةُ الْبَلَّةِ لِخُفٍّ مَخْصُوصٍ فِي مَحَلٍّ مَخْصُوصٍ وَزَمَنٍ مَخْصُوصٍ (2).
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْغَسْل:
2 - الْغَسْل لُغَةً بِفَتْحِ الْغَيْنِ مَصْدَرُ غَسَل، وَهُوَ سَيَلاَنُ الْمَاءِ عَلَى الشَّيْءِ مُطْلَقًا.
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: إِفَاضَةُ الْمَاءِ الطَّهُورِ عَلَى الشَّيْءِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ (3).
وَالصِّلَةُ أَنَّ كُلًّا مِنَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْغَسْل يَكُونُ سَبَبًا لإِِزَالَةِ الْحَدَثِ.
مَشْرُوعِيَّةُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ:
2 - ثَبَتَتْ مَشْرُوعِيَّةُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ بِالسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ الْمُطَهَّرَةِ (4)، وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ " لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَل الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ أَعْلاَهُ، وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ خُفَّيْهِ (1).
وَمَا رَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ بَال ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، فَقِيل لَهُ: أَتَفْعَل هَذَا ؟ فَقَال: نَعَمْ، رَأَيْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَال ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ (2)، وَإِسْلاَمُ جَرِيرٍ كَانَ بَعْدَ نُزُول الْمَائِدَةِ الَّتِي فِيهَا قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (3)، وَالَّتِي قِيل إِنَّهَا نَاسِخَةٌ لِلْمَسْحِ. وَقَدْ رَوَى مَشْرُوعِيَّةَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَكْثَرُ مِنْ ثَمَانِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ مِنْهُمُ الْعَشَرَةُ (4).
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ لِلْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ:
4 - الأَْصْل فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ الْجَوَازُ، وَالْغَسْل أَفْضَل عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ رُخْصَةٌ مِنَ الشَّارِعِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ يُحِبُّ أَنْ
تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُجْتَنَبَ نَوَاهِيهِ.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: الأَْفْضَل الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَخْذًا بِالرُّخْصَةِ وَلأَِنَّ كُلًّا مِنَ الْغَسْل وَالْمَسْحِ أَمْرٌ مَشْرُوعٌ (1).
وَقَدْ يَجِبُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ كَأَنْ خَافَ فَوْتَ عَرَفَةَ أَوْ إِنْقَاذَ أَسِيرٍ أَوِ انْصَبَّ مَاؤُهُ عِنْدَ غَسْل رِجْلَيْهِ وَوَجَدَ بَرْدًا لاَ يَذُوبُ يَمْسَحُ بِهِ، أَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَلَوِ اشْتَغَل بِالْغَسْل لَخَرَجَ الْوَقْتُ، أَوْ خَشِيَ أَنْ يَرْفَعَ الإِْمَامُ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ الثَّانِي فِي الْجُمُعَةِ، أَوْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ عَلَى مَيِّتٍ وَخِيفَ انْفِجَارُهُ لَوْ غَسَل أَوْ كَانَ لاَبِسَ الْخُفِّ بِشَرْطِهِ مُحْدِثًا وَدَخَل الْوَقْتُ وَعِنْدَهُ مَا يَكْفِي الْمَسْحَ فَقَطْ (2).
حِكْمَةُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ:
5 - الْحِكْمَةُ مِنَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ التَّيْسِيرُ وَالتَّخْفِيفُ عَنِ الْمُكَلَّفِينَ الَّذِينَ يُشَقُّ عَلَيْهِمْ نَزْعُ الْخُفِّ وَغَسْل الرِّجْلَيْنِ خَاصَّةً فِي أَوْقَاتِ الشِّتَاءِ وَالْبَرْدِ الشَّدِيدِ، وَفِي السَّفَرِ وَمَا يُصَاحِبُهُ مِنَ الاِسْتِعْجَال وَمُوَاصَلَةِ السَّفَ