الشيخ محمد امين الزعبي
بسم الله الرحمن الرحيم
أهلا وسهلا بكم في منتدى الشيخ محمد أمين الزعبي
الشيخ محمد امين الزعبي
بسم الله الرحمن الرحيم
أهلا وسهلا بكم في منتدى الشيخ محمد أمين الزعبي
الشيخ محمد امين الزعبي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الشيخ محمد امين الزعبي

خطب دينية -صوتيات- فتاوى - تفسير وشرح القرآن الكريم
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تفسير سورة يوسف -1-

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد الزعبي
المدير العام للموقع



المساهمات : 694
تاريخ التسجيل : 11/04/2008

تفسير سورة يوسف -1- Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة يوسف -1-   تفسير سورة يوسف -1- I_icon_minitimeالجمعة أبريل 06, 2018 9:56 pm


تفسير سورة يوسف عليه السلام

.تفسير الآيات (1- 3):

{الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3)}.

.شرح الكلمات:

{ألر}: تكتب ألر وتقرأ: ألف، لام، را، والله أعلم بمراده بذلك.
{الكتاب المبين}: أي القرآن المظهر للحق في الاعتقادات والعبادات والشرائع.
{قرآنا عربيا}: أي بلغة العرب العدنانيّون والقحطانيون سواء.
{نحن نقص}: نحدثك متتبعين آثار الحديث على وجهه الذي كان عليه وتم به.
{بما أوحينا}: أي بإِيحائنا إليك فالوحي هو أداة القصص.
{من قبله}: أي من قبل نزله عليك.
{لمن الغافلين}: أي من قبل إيحائنا إليك غافلا عنه لا تذكره ولا تعلم منه شيئاً.

.معنى الآيات:

إن المناسبة بين سورتي هود ويوسف عليهما السلام أن الثانية تتميم للقصص الذي اشتملت عليه الأولى إذ سورة يوسف اشتملت على أطول قصص في القرآن الكريم أوله {إذ قال يوسف لأبيه} رابع آية وآخره {وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم} الآية الثانية بعد المائة.
وأما سبب نزول هذه السورة فقد قيل للرسول صلى الله عليه وسلم لو قصصت علينا فأنزل الله تعالى: {ألر تلك آيات الكتاب المبين} إلى قوله: {وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم} فقص أحداث أربعين سنة تقريباً، فقوله تعالى: {ألر} من هذه الحروف المقطعة تألفّت آيات القرآن الكريم، فأشار إليها بقوله: {تلك آيات الكتاب المبين} أي المبيّن للحق المُظهر له ولكل ما الناس في حاجة إلأيه مما يصلح دينهم ودنياهم. وقوله تعالى: {إن أنزلناه} أي القرآن {قرآنا عربيّاً} أي بلسان العرب ليفهموه ويعقلوا معانيه فيهتدوا عليه فيكملوا ويسعدوا.
وقوله: {لعلكم تعقلون} أي ليمكنكم فهمه ومعرفة ما جاء فيه من الهدى والنور. وقوله تعالى: {نحن نقص عليك} يا رسول الله {أحسن القصص} أي أصحة وأصدقه وأنفعه وأجمله {بما أوحينا إليك هذا القرآن} أي بواسطة إيحائنا إليك هذا القرآن، {وإن كنت من قبله} أي من قبل إيحائه إليك {لمن الغافلين} عنه لا تذكره ولا تعلمه.

.من هداية الآيات:

1- تقرير اعجاز القرآن إذ هو مؤلف من مثل ألر، وطس، وق، ومع هذا لم يستطع العرب أن يأتوا بسورة مثله.
2- بيان الحكمة في نزول القرآن باللغة العربية وهي أن يعقله العرب ليبلغوه إلى غيرهم.
3- القرآن الكريم اشتمل على أحسن القصص فلا معنى لسماع قصص غيره.
4- تقرير نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم وإثباتها بأقوى برهان عقليّ واعظم دليل نقليّ.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

‏الأربعاء, ‏07 ‏محرم, ‏1439

تفسير سورة يوسف عليه السلام

.تفسير الآيات (4- 6):

{إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4) قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (5) وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (6)}.

.شرح الكلمات:

{لأبيه}: أي يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليه السلام.
{إني رأيت}: أي في منامي.
{أحد عشر كوكبا}: أي من كواكب السماء.
{ساجدين}: أي نزل الكل من السماء وسجدوا ليوسف وهو طفل.
{فيكيدوا لك}: أي يحتالوا عليك بما يضرك.
{عدو مبين}: أي بين العداوة ظاهرها.
{يجتبيك ربك}: أي يصطفيك له لتكون من عباده المخلصين.
{من تاويل الأحاديث}: أي تعبير الرؤيا.
{ويتم نعمته عليك}: أي بأن ينبّئك ويرسلك رسولاً.

.معنى الآيات:

قوله تعالى: {إذ قال يوسف} هذا بداية القصص أي اذكر أيها الرسول إذ قال يوسف بن يعقوب لأبيه يعقوب عليهما السلام:{يا أبتِ} أي يا أبي {إني رأيت أحد عشر كوكبا} أي من كواكب السماء {والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين} أي نزلوا من السماء وسجدوا له تحيّةً وتعظيما, وسيظهر تأويل هذه الرؤيا بعد أربعين سنة حيث يجمع الله شمله بأبويه وإخوته الأحد عشر ويَسجدُ الكل له تحيّة وتعظيما.
وقوله تعالى: {قال يا بنيّ} أي قال يعقوب لولده يوسف {لا تقصص رؤياك على إخوتك} وهم إخوة له من أبيه دون أمه {فيكيدوا لك كيداً} أي يحملهم الحسد على أن يكيدوك بما يضرك بطاعتهم للشيطان حين يغريهم بك {إن الشيطان للإِنسان عدو مبين} إذ أخرج آدم وحواء من الجنة بتزيينه لهما الأكل من الشجرة التي ينهاهما الله تعالى عن الأكل منها.
وقوله: {وكذلك يجتبيك ربّك} وكما أراك ربك الكواكب والشمس والقمر ساجدين لك يجتبيك أي يصطفيك له لتكون من عباده المخلصين.
وقوله: {ويعلمك من تأويله الأحاديث} أي ويعلمك معرفة ما يؤول إليه أحاديث الناس ورؤياهم المنامية، ويتم نعمته عليك بالنبوة وعلى آل يعقوب أي أولاده.
{كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم واسحق} إسحاق جد يوسف الأدنى وإبراهيم جده الأعلى حيث أنعم عليهما بانعامات كبيرة أعظمها النبوة والرسالة، وقوله تعالى: {إن ربك عليم} أي بخلقه {حكيم} أي في تدبيره فيضع كل شيء في موضعه فيكرم من هو أهل للاكرام، ويحرم من هو أهل للحرمان.

.من هداية الآيات:

1- ثبوت الرؤيا شرعاً ومشروعية تعبيرها.
2- قد تتأخر الرؤيا فلا يظهر مصداقها إلا بعد السنين العديدة.
3- مشروعية الحذر والأخذ بالحيطة في الأمور الهامة.
4- بيان إفضال الله على آل إبراهيم بما أنعم عليهم فجعلهم أنبياء آباء وأبناء وأحفاداً.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

‏الخميس, ‏08 ‏محرم, ‏1439

تفسير سورة يوسف عليه السلام

.تفسير الآيات (7- 10):

{لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7) إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (Cool اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (9) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (10)}.

.شرح الكلمات:

{آيات للسائلين}: عِبَرٌ للسائلين عن أخبارهم وما كان لهم من أحوال غريبة.
{ونحن عصبة}: أي جماعة إذ هم أحد عشر رجلا.
{أو اطرحوه أرضا}: أي ألقوه في أرض بعيدة لا يعثر عليه.
{يخل لكم وجه أبيكم}: أي من النظر إلى يوسف فيقبل عليكم ولا يلتفت إلى غيركم.
{في غيابة الجب}: أي ظلمة البئر.
{بعض السيارة}: أي المسافرين السائرين في الأرض.

.معنى الآيات:

ما زال السياق في قصة يوسف عليه السلام قال تعالى: {لقد كان في يوسف وإخوته} أي في شأن يوسف وإخوته وما جرى لهم وما تم من أحداث جسام عِبَرٌ وعِظاتٌ للسائلين عن ذلك المتطلعين إلى معرفته.
{إذ قالوا} أي إخوة يوسف {ليوسف وأخوه} بنيامين وهو شقيقه دونهم {أحب إلى أبينا منّا ونحن عصبة} أي جماعة فكيف يفضل الاثنين على الجماعة {إن أبانا} أي يعقوب عليه السلام {لفي ضلال مبين} أي في خطإ بيّن بإيثارة يوسف وأخاه بالمحبة دوننا.
وقوله: {اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً يخل لكم وجه أبيكم} يخبر تعالى عما قاله إخوة يوسف وهم في خلوتهم يتأمرون على أخيهم للتخلص منه فقالوا :{اقتلوا يوسف} بإِزهاق روحه، {أو اطرحوه} في أرض بعيده ألقوه فيها فيهلك وتتخلصوا منه بدون قتل منكم، وبذلك {يخل لكم وجه أبيكم} حيث كان مشغولا بالنظر إلى يوسف، ويحبكم وتحبونه وتتوبوا إلى الله من ذنب إبعاد يوسف عن أبيه، وتكونوا بعد ذلك قوماً صالحين حيث لم يبق ما يورثكم ذنباً أو يكسبكم إثماً.
وقوله تعالى: {قال قائل منهم} يخبر تعالى عن قيل إخوة يوسف لبعضهم البعض وهم يتشاورون في شأن يوسف وكيف يبعدونه عن أبيهم ورضاه عنهم قال قائل منهم هو يهودا أو روبيل وكان أخاه وابن خالته وكان أكبرهم سنا وأرجحهم عقلا قال: لا تقلتلوا يوسف، لأن القتل جريمة لا تطاق ولا ينبغي ارتكابها بحال، والقوه في غيابة الجب أي في ظلمة البئر، وهي بئر معروفة في ديارهم بأرض فلسطين يلتقطه بعض السيارة من المسافرين إن كنتم فاعلين شيئا إزاء أخيكم فهذا أفضل السبل لذلك.

.من هداية الآيات:

1- الميل إلى أحد الأبناء بالحب يورث العداوة بين الإِخوة.
2- الحسد سبب لكثير من الكوارث البشرية.
3- ارتكاب أخف الضررين قاعدة شرعية عمل بها الأولون.
4- الشفقة والمحبة في الشقيق أكبر منها في الأخ للأب.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

‏‏الجمعة, ‏09 ‏محرم, ‏1439
تفسير سورة يوسف عليه السلام

.تفسير الآيات (11- 14):

{قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (11) أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (12) قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ (13) قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ (14)}.

.شرح الكلمات:

{لناصحون}: لمشفقون عليه نحب له الخير كما نحبه لأنفسنا.
{يرتع ويلعب}: أي يأكل ويشرب ويلعب بالمسابقة والمناضلة.
{إني ليحزنني}: أي يوقعني في الحزن الذي هو ألم النفس أي ذهابكم به.
{الذئب}: حيوان مفترس خداع شرس.
{ونحن عصبة}: أي جماعة قوية.
{لخاسرون}: أي ضعفاء عاجزون عرضة للخسران بفقدنا أخانا.

.معنى الآيات:

ما زال السياق في قصة يوسف إنهم بعد ائتمارهم واتفاقهم السري على إلقاء يوسف في غيابة الجب طلبوا من أبيهم أن يترك يوسف يخرج معهم إلى البر كعاتهم للنزهة والترفيه وكأنهم لاحظوا عدم ثقة أبيهم فيهم فقالوا له: {ما لك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون} أي محبون له كل خير مشفقون عليه أن يمسه أدنى سوء.
{أرسله معنا غداً يرتع ويلعب} أي يرتع في البادية يأكل الفواكه ويشرب الألبان ويأكل اللحوم ويلعب بما نلعب به من السباق والمناضلةوالمصارعة، {وإنا له لحافظون} من كل ما قد يضره أو يُسئُ إليه.
فأجابهم عليه السلام قائلا :{إني ليحزنني أن تذهبوا به} أي إنه ليوقعني في الحزن وآلامه ذهابكم به.
{وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون} في رتعكم ولعبكم.
فأجابوه قائلين :{قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ}
أي لا خير في وجودنا ما دمنا نُغلب على أخينا فيأكله الذئب بيننا.
ومع الأسف فقد اقنعوا بهذا الحديث والدهم وغداً سيذهبون بيوسف لتنفيذ مؤامرتهم الدنية.

.من هداية الآيات:

1- تقرير قاعدة: لا حذر مع القدر أي لا حذر ينفع في ردّ المقدور.
2- صدق المؤمن يحمله على تصديق من يحلف له ويؤكد كلامه.
3- جواز الحزن وأنه لا إثم فيه وفي الحديث: «وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون».
4- أكل الذئب للإِنسان إن أصاب منه غفلة واقع وكثير أيضا.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

‏السبت, ‏10 ‏محرم, ‏1439

تفسير سورة يوسف عليه السلام


.تفسير الآيات (15- 18):

{فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (15) وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ (16) قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ (17) وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (18)}.

.شرح الكلمات:

{وأجمعوا}: أي أمرهم على إلقائه في غيابة الجب.
{في غيابة الجب}: أي في ظلمة البئر.
{وأوحينا إليه}: أي أعلمناه بطريق خفي سريع.
{عشاء}: أي بعد غروب الشمس أول الليل.
{نستبق}: أي بالمناضلة.
{عند متاعنا}: أي أمتعتنا من ثياب وغيرها.
{وما أنت بمؤمن لنا}: أي بمصدّق لنا.
{بدم كذب}: أي بدم مكذوب أي دم سخلة وليس دم يوسف.
{بل سولت لكم}: أي زينت وحسنت.
{على ما تصفون}: أي من الكذب.

.معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في الإِخبار عما عزم عليه إخوة يوسف أن يفعلوه فقد أقنعوا والدهم يوم أمس على إرسال يوسف معهم إلى البر وها هم أولاءِ وقد أخذوه معهم وخرجوا به، وما إن بعدوا به حتى تغّيرت وجوههم عليه وصار يتلقى الكلمات النابية والوكز والضرب أحيانا، وقد أجمعوا أمرهم على إلقائه في بئر معلومة لهم في الصحراء، ونفذوا مؤامرتهم وألقوا أخاهم وهو يبكي بأعلى صوته وقد انتزعوا منه قميصه وتركوه مكتوفا في قعر البئر.
وهنا أوحى الله تعالى إليه أي أعلمه بما شاء من وسائط العلم انه سينبئهم في يوم من الأيام بعملهم الشنيع هذا وهو معنى قوله تعالى في السياق {وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون}.
وبعد أن فرغوا من أخيهم ذبحوا سخلة ولطخوا بدمها قميصه، وعادوا إلى أبيهم مساء يبكون يحملون الفاجعة إلى أبيهم الشيخ الكبير قال تعالى: {وجاءوا أباهم عشاء} أي ليلا {يبكون} وقالوا معتذرين {يا أبانا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا} أي بمصدق لنا {ولو كنا صادقين} وقد دلت عباراتهم على كذبهم قال تعالى: {وجاءوا على قميصه بدم كذب} أي ذي كذب أو مكذوب إذ هو دم سخلة ذبحوها فأكلوها ولطخوا ببعض دمها قميص يوسف أخيهم ونظر يعقوب إلى القميص وهو ملطخ بالدم الكذب ولم يكن به خرق ولا تمزيق فقال إن هذا الذئب لحليم إذ أكل يوسف ولم يخرق ثوبه، ثم قال ما أخبر تعالى عنه بقوله: {قال بل سولت لكم أنفسكم أمراً} أي لم يكن الأمر كما وصفتم وادعيتم وإنما سولت لكم أنفسكم أمراً فنفذتموه.
{فصبر جميل} أي فأمري صبر جميل, والصبر الجميل هو الذي لا جزع فيه ولا شكوى معه.
{والله المستعان على ما تصفون} أي من الكذب.

.من هداية الآيات:

1- جواز صدور الذنب الكبير من الرجل المؤمن المهيء للكمال مستقبلا.
2- لطف الله تعالى بيوسف وإكرامه له بإِعلامه إياه أنه سينّبئ إخوته بفعلتهم هذه وضمن ذلك بشراه بسلامة الحال وحسن المآل.
3- اختيار الليل للاعتذار دون النهار لأن العين تستحي من العين كما يقال. وكما قيل:
كيف يرجو الحياء منه صديق ** ومكان الحياء منه خراب
يريد عينيه لا تبصران.
4- فضيلة الصبر الجميل وهو الخالي من الجزع والشكوى معاً.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

‎10/‎01/‎2017

تفسير سورة يوسف عليه السلام
.تفسير الآيات (19- 22):

{وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (19) وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (20) وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21) وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22)}.

.شرح الكلمات:

{سيارة}: رُفْقَة من الناس تسير مع بعضها بعضا.
{واردهم}: أي الذين يرد لهم الماء.
{فأدلى دلوه}: أي دلى دلوه في البئر.
{وأسروه بضاعة}: أي أخفوه كبضاعة من البضائع.
{وشروه بثمن بخس}: أي باعوا بثمن ناقص.
{وقال الذي اشتراه}: أي الرجل الذي اشتراه واسمه قطفير ولقبه العزيز.
{اكرمي مثواه}: أي أكرمي موضع إقامته بمعنى اكرميه وأحسني إليه.
{أو نتخذه ولدا}: أي نتبناه فقال ذلك لأنه لم يكن يولد له.
{من تأويل الأحاديث}: أي تعبير الرؤيا.
{ولما بلغ أشده}: أي قوته البدنية والعقلية.
{حكما وعلما}: أي حكمة ومعرفة أي حكمة في التدبير ومعرفة في الدين.

.معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في الحديث عن يوسف وإخوته إنه لما ألقى يوسف في الجب وترك هناك جاءت قافلة من بلاد مدين تريد مصر فأرسلوا وارداً لهم يستقي لهم الماءَ فأدلى دلوَهُ في البئر فتعلق به يوسف فخرج معه وما إن رآه المدلي حتى صاح قائلا يا بشراي هذا غلام وكان إخوة يوسف يترددون على البئر يتعرفون على مصير أخيرهم فلما رأوه بأيدي الوارد ورفقائه قالوا لهم هذا عبد لنا أبق، وإن رأيتم شراءه بعناه لكم فقالوا ذاك الذي نريد فباعوه لهم بثمن ناقص وأسره الذين اشتروا أي أخفوه عن رجال القافلة حتى لا يطالبوهم بالاشتراك فيه معهم، وقالوا هذه بضاعة كلفنا أصحاب الماء بإِيصالها إلى صاحبها بمصر.
هذا ما دل عليه قوله تعالى: {وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يا بشرى هذا غلام وأسروه بضاعة} و{وشروه بثمن بخس دراهم معدودة}.
وكونها معدودة غير موزونة دال على قلتها {وكانوا فيه من الزاهدين} أي إخوته لا الذين اشتروه.
ولما وصلوا به مصر باعوه من وزير يقال له قطفير العزيز فتفرس فيه الخير فقال لا مرأته زليخا أكرمي مقامه بيننا رجاءَ أن ينفعنا في الخدمة أو نبيعه بثمن غال، أو نتخذه ولداً حيث نحن لا يولد لنا.
هذا معنى قوله تعالى: {وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً} .
قال تعالى: {وكذلك مكّنا ليوسف في الأرض} أي وكما نجيناه من القتل والجب وعطفنا عليه العزيز مكّنا له في الأرض فيما بعد فصار ملك مصر بما فيها يحكمها ويسوسها بالعدل والرحمة.
وقوله تعالى: {ولنعلمه من تأويل الأحاديث} أي ولنعلمه تعبير الرؤا من أحاديث الناس ومايقصونه منه.
وقوله تعالى: {والله غالب على أمره} أي على أمر يوسف فلم يقدر إخوته أن يبلغوا منه مرادهم كما هو تعالى غالب على كل أمر أراده فلا يحول بينه وبين مراده أحدٌ وكيف وهو العزيز الحكيم.
وقوله: {ولكن أكثر الناس لا يعلمون} إذ لو علموا لفوضوا أمرهم إليه وتوكلوا عليه ولم يحاولوا معصيته بالخروج عن طاعته.
وفي هذا تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم على ما يجد من أقربائه من أذى إذ يوسف ناله الأذى من أخوته الذين هم أقرب الناس إليه بعد والديه.
وقوله تعالى: {ولما بلغ أشده آتيناه حكماً وعلما وكذلك نجزي المحسنين} أي ولما بلغ يوسف اكتمال قوته البدنية بتجاوز سن الصبا إلى سن الشباب وقوته العقلية بتجاوزه سن الشباب إلى سن الكهولة آتيناه حكماً وعلما أي حكمة وهي الإِصابة في الأمور وعلما وهو الفقه في الدين، وكما آتينا يوسف الحكمة والعلم نجزي المحسنين طاعتنا بالصبر والصدق وحسن التوكل وفي هذا بشارة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بحسن العاقبة وأن الله تعالى سينصره على أعدائه ويمكن له منهم.

.من هداية الآيات:

1- جواز الفرح بما يسر والإِعلان عنه.
2- جواز الاحتياط لأمر الدين والدنيا.
3- اطلاق لفظ الشراء على البيع.
4- نسخ التبنّي في الإِسلام.
5- معرفة تعبير الرؤا كرامة لمن علّمه الله ذلك.
6- مَنْ غالبَ اللهَ غُلِبَ.
7- بلوغ الأشد يبتدي بانتهاء الصبا والدخول البلوغ.
8- حسن الجزاء مشروط بحسن القصد والعمل.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

‎‎10/‎02/‎2017

تفسير سورة يوسف عليه السلام

.تفسير الآيات (23- 25):

{وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (25)}.

.شرح الكلمات:

{راودته}: أي طالبته لحاجتها تريد أن ينزل عن إرادته لإِرادتها وهو يأبى.
{التي هو في بيتها}: أي زليخا امرأة العزيز.
{وغلّقت الأبواب}: أغلقتها بالمغّاليق.
{هيت لك}: أي تعال عندي.
{معاذ الله}: أي أعوذ بالله أي أتحصن وأحتمي به من فعل ما لا يجوز.
{أحسن مثواي}: أي إقامتي في بيته.
{همت به}: أي لتبطش به ضربا.
{وهم بها}: أي ليدفع صولتها عليه.
{برهان ربّه}: ألهمه ربّه أن الخير في عدم ضربها.
{السوء والفحشاء}: السوء ما يسوء وهو ضربها، والفحشاء الخصلة القبيحة.
{المخلصين}: أي الذين استخلصناهم لولايتنا وطاعتنا ومحبتنا.
{وقدت قميصه}: أي قطعته من وراء.
{وألفيا سيدها}: أي وَجَدَا العزيز زوجها وكانوا يطلقون على الزوج لفظ السيد لأنه يملك المرأة.

.معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في الحديث عن يوسف عليه السلام وما جرى له من أحداث في بيت العزيز الذي اشتراه إنه ما إن أوصى العزيز امرأته بإِكرام يوسف عليه السلام حتى بادرت إلى ذلك فأحسنت طعامه وشرابه ولباسه وفراشه.
ونظراً إلى ما تجلبه الخلوة بين الرجل والمرأة من إثارة الغريزة الجنسية لاسيما إذا طالت المدة، وأمن الخوف وقلة التقوى حتى راودته بالفعل عن نفسه أي طلبت منه نفسه ليواقعها بعد أن اتخذت الأسباب المؤمنّة حيث غلّقت أبواب الحجرة والبهو والحديقة، وقالت تعالى إليّ.
وكان ردُّ يوسف على طلبها حازماً قاطعاً لمنعها وهذا هو المطلوب في مثل هذا الموقف قال تعالى مخبراً عما جرى في القصر حيث لا يعلم أحدٌ من الناس ما جرى وما تم فيه من أحداث.
{وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلّقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون}.
إنها بعد أن اتخذت كل ما يلزم للحصول على رغبتها منه أجابها قائلا {إنه ربي أحسن مثواي} يريد العزيز أحسن إقامتي فكيف أخونه في أهله.
وفي نفس الوقت أن سيده الحق الله جل جلاله قد أحسن مثواه بما سخّر له فكيف يخونه فيما حرم عليه.
وقوله إنه لا يفلح الظالمون تعليل ثان فالظلم بِوَضْع الشيء في غير موضعه يخيب في سعيه ويخسر في دنياه وأُخراه فكيف أرضى لنفسي ولَكَ بذَلك .
وقوله تعالى: {ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربُه} أي همت بضربه لامتناعه عن إجابتها لطلبها بعد مراودات طالت مدتها، وهَمَّ هو بها أي بضربِها دفعاً عن نفسه إلا إنَّهُ أراه اللهُ تعالى برهاناً في نفسه فلم يضربها وآثر الفرار إلى خارج البيت، ولحقته تجري وراءه لترده خشيةَ أن يعلمَ أحدٌ بما صنعت معه.
واستبقا الباب هو يريد الخروج وهي تريد رده إلى البيت خشية الفضيحة وأخذته من قميصه فقدته أي شقته من دُبر أي من وراء لأنه أمامها وهي وراءه.
وقوله تعالى: {كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء} أي هكذا نصرف عن يوسف عليه السلام السوء فلا يفعله والفحشاء فلا يقربها، وعلل لذلك بقوله إنَّهُ من عبادنا المخلصين أي الذين استخلصناهم لعبادتنا ومحبتنا فلا نرضى لهم أن يتلوثوا بآثار الذنوب والمعاصي.
وقوله تعالى: {وألفيا سيّدها لدى الباب} أي ووجدا زوجها عند الباب جالساً في حال هروبه منها وهي تجرى وراءه حتى انتهيا إلى الباب وإذا بالعزيز جالس عنده فخافت المعرة على نفسها فبادرت بالاعتذار قائلة ما جزاء من أراد بأهلك سوءاً إلا أن يسجن أي يوما أو يومين، أو عذاب أليم يكون جزاءاً له كأن يضرب ضربا مبرحا.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

‎‎‎10/‎03/‎2017

تفسير سورة يوسف عليه السلام


.تفسير الآيات (26- 29):

{قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (26) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (27) فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28) يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ (29)}.

.شرح الكلمات:

{وشهد شاهد من أهلها}: أي ابن عمها.
{قُدَّ من قُبل}: أي من قدام.
{قدَّ من دبُر}: أي من وراء أي من خلف.
{إنه من كيدكن}: أي قولها، ما جزاء من أراد بأهلك سوءاً.
{يوسف أعرض عن هذا}: أي عن هذا الأمر ولا تذكره لكيلا يشيع.
{من الخاطئين}: المرتكبين للخطايا الآثمين.

.معنى الآيات:

ما زال السياق في الحديث عن يوسف عليه السلام وأحداث القصة فقد ادعت زليخا أن يوسف عليه السلام راودها عن نفسها وطالبت بعقوبة فقالت :{ما جزاء من أراد بأهلك سوءاً إلا أن يسجن أو عذاب أليم} وهنا رد يوسف عليه السلام ما قذفته به، ولولا أنها قذفته ما أخبر عن مراودتها إياه فقال ما أخبر تعالى به في هذه الآيات :
{هي راودتني عن نفسي} وهنا أنطق الله جل جلاله طفلاً رضيعاً إكراما لعبده وصفيّه يوسف عليه السلام فقال هذا الطفل والذي سماه الرسول صلى الله عليه وسلم شاهد يوسف :{إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين} هذا ما قضى به الشاهد الصغير.
{فلما رأى قميصه قد من دبر قال}. {إنه} أي قولها: {ما جزاء من أراد بأهلك سوءاً} {من كيدكن} أي من صنيع النساء {إن كيدكن عظيم}، ثم قال ليوسف يا يوسف {أعرض عن هذا} الأمر ولا تذكره لأجد لكيلا يفشوا فيضر.
وقال لزليخا {استغفري لذنبك} أي اطلب العفو من زوجك ليصفح عنك ولا يؤاخذك بما فرط منك من ذنب إنك كنت من الخاطئين أي الآثمين من الناس هذا ما تضمنته الآيات الأربع في هذا السياق الكريم.

.من هداية الآيات:

1- مشروعية الدفاع عن النفس ولو بما يُسئُ إلى الخصم.
2- إكرام الله تعالى لأوليائه حيث أنطق طفلا في المهد فحكم ببراءة يوسف.
3- تقرير أن كيد النساء عظيم وهو كذلك.
4- استحباب الستر على المسيء وكراهية إشاعة الذنوب بين الناس.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

‎10/‎04/‎2017

تفسير سورة يوسف عليه السلام

.تفسير الآيات (30- 34):

{وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (30) فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31) قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ (32) قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33) فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34)}.

.شرح الكلمات:

{في المدينة}: أي عاصمة مصر يومئذ.
{تراود فتاها}: أي عبدها الكنعاني.
{قد شغفها حبا}: أي دخل حبّه شغاف قلبها أي أحاط بقلبها فتملكه عليها.
{إنا لنراها في ضلال مبين}: أي في خطأ بيّن بسبب حبها إياه.
{فلما سمعت بمكرهن}: أي بما تحدثن به عنها في غيبتها.
{وأعتدت لهن متكئا}: أي وأعدت لهن فراشا ووسائد للاتكاء عليها.
{أكبرنه}: أي أعظمنه في نفوسهن.
{فذلك الذي لمتنني فيه}: أي قلتن كيف تحب عبداً كنعانياً.
{فاستعصم}: أي امتنع مستمسكا بعفته وطهارته.
{الصاغرين}: الذليلين المهانين.
{أصب إليهن}: أمل إليهن.
{وأكن من الجاهلين}: أي المذنبين إذ لا يذنب إلا من جهل قدرة الله واطلاعه عليه.

.معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في قصة يوسف عليه السلام إنه بعد الحكم الذي أصدره شاهدُ يوسف عليه السلام انتقل الخبر إلى نساء بعض الوزراء فاجتمعن في بيت إحداهن وتحدثن بما هو لوم لامرأة العزيز حيث راودت عبداً لها كنعانياً عن نفسه وهو ما أخبر تعالى عنه في الآيات الآتية
قال تعالى: {وقال نسوة في المدينة} أي عاصمة مصر يومئذ {امرأة العزيز تراود فتاها} أي عبدها {عن نفسه قد شغفها حبا} أي قد بلغ حبها إياه شغفا قلبها أي غشاءه. {إنا لنراها} أي نظنها {في ضلال مبين} أي خطأ واضح: إذ كيف تحب عبداً وهي من هي في شرفها وعلّو مكانتها.
قوله تعالى: {فلام سمعت بمكرهن} أي ما تحدثن به في غيبتها {أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكئا وآتت كل واحدة منهن سكينا} أي فقابلت مكرهن بمكر أعظم منه فأعدت لهن حفلة طعام وشراب فلما أخذن في الأكل يقطعن بالسكاكين الفواكه كالأتراج وغيره أَمَرَتْهُ أن يخرج عليهن ليرينه فيعجبن برؤيته فيذهلن عن أنفسهن ويقطعن أيديهن بدل الفاكهة التي يقطعنها للأكل وبذلك تكون قد دفعت عن نفسها المعرة والملامة، وهذا ما جاء في قوله تعالى: {وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاشا لله ما هذا بشرا} أي إنسان من الناس. {إن هذا إلا ملك} أي ما هذا إلا ملك {كريم} وذلك لجماله وما وهبه الله تعالى من حسن وجمال في خلقه وخلقه.
وهنا قالت ما أخبر تعالى به في قوله: {قالت فذلكن الذي لمتنني فيه} أي هذا هو التفي الجميل الذي لمتنني في حبه ومراودته عن نفسه
{ولقد راودته عن نفسه فاستعصم} أي راودته فعلا وامتنع عن أجابتي. {ولئن لم يفعل ما آمره} أي به مما أريده منه {ليسجنن وليكونن من الصاغرين} أي الذليلين المهانين.
وهكذا اسمعته تهديدها أمام النسوة المعجبات به.
ومن هنا فزع يوسف عليه السلام إلى ربّه ليخلصه من مكر هذه المرأة وكيدها فقال ما أخبر تعالى به عنه {قال ربّ السجن أحب إليّ مما يدعونني إليه} أي يا رب فعد كلامه هذا سؤالاً لربه .
ودعاء السجن أحب إليّ مما يدعونني إليه من الإِثم، {وإلاّ تصرف عني كيدهن} أي كيد النسوة {أصب إليهن} أي أَمِلْ إليهن {وأكن} أي بفعل ذلك {من الجاهلين} أي الآثمين بارتكاب معصيتك.
وهذا ما لا أريده وهو مافررت منه {فاستجاب له ربه} أي أجابه في دعائه وصرف عنه كيدهن إنه تعالى هو السميع لأقوال عباده ودُعَاءِ عبده وصفيه يوسف عليه السلام العيلم بأحوال وأعمال عباده ومنهم عبده يوسف.
ولذا استجاب له فطمأنه وأذهب الألم ألم الخوف من نفسه، وله الحمد والمنة.

.من هداية الآيات:

1- بيان طبيعة الإِنسان في حب الاطلاع وتتبع الأخبار.
2- رغبة الإِنسان في الثأر لكرامته، وما يحميه من دم أو مال أو عرض.
3- ضعف النساء أمام الرجال، وعدم قدرتهن على التحمل كالرجال.
4- إيثار يوسف عليه السلام السجن على معصية الله تعالى وهذه مظاهر الصديقية.
5- الجهل بالله تعالى وبأسمائه وصفاته ووعده ووعيده وشرعه هو سبب كل الجرائم في الأرض.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

‎‎10/‎05/‎2017

تفسير سورة يوسف عليه السلام

.تفسير الآيات (35- 38):

{ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35) وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36) قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (38)}.

.شرح الكلمات:

{ثم بدا لهم}: أي ظهر لهم.
{الآيات}: أي الدلائل على براءة يوسف عليه السلام.
{أعصر خمرا}: أي أعصر عنباً ليكون خمرا.
{واتبعت ملة}: أي دين.
{ما كان لنا}: أي ما انبغى لنا ولا صح منّا.
{أن نشرك بالله من شيء}: أي أن أشرك بالله شيئا من الشرك وإن قل ولا من الشركاء وإن عظموا أو حقروا.
{ذلك من فضل الله علينا}: أي ذلك التوحيد والدين الحق.
{وعلى الناس}: إذ جاءتهم الرسل به ولكنهم ما شكروا فلم يتبعوا.

.معنى الآيات:

ما زال السياق في الحديث عن يوسف عليه السلام وما حدث له بعد ظهور براءته من تهمة امرأة العزيز قال تعالى: {ثم بدا لهم نم بعد ما رأوا الآية ليسجننه حتى حين} أي ثم ظهر للعزيز ومن معه من بعد ما رأوا الدلائل الواضحة على براءة يوسف وذلك كقدّ القميص من دُبر ونطق الطفل وحكمه في القضية بقوله: {إن كان قميصه} الخ وهي أدلة كافية في براءة يوسف عليه السلام إلا أنهم رأوا سجنه إلى حين ما، أي ريثما تسكن النفوس وتنسى الحادثة ولم يبق لها ذكر بين الناس.
وقوله تعالى: {ودخل معه السجن فتيان} أي فقرروا سجنه وأدخلوه السجن ودخل معه فتيان أي خادمان كانا يخدمان ملك البلاد بتهمة وجهت إليهما.
وقوله تعالى: {قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزاً تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين} وكان هذا الطلب منهما بعد أن أعجبا بسلوكه مع أهل السجن وحسن معاملته وسألاه عن معارفه فأجابهم بأنه يعرف تعبير الرؤيا فعندئذ قالا هيا نجربه فندعي أنا رأينا كذا وكذا وسألاه فأجابهما بما أخبر تعالى به في هذه الآيات: {قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما} ولا لفظٌ محتملٌ لما يأتيهما في المنام أو اليقظة وهو لما علمه الله تعالى يخبرها به قبل وصوله إليهما وبما يؤول إليه، وعلل لهما مبيّناً سبب علمه هذا بقوله: {ذلكما مما علّمني ربّي إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة كافرون} وهم الكنعانيون والمصريون إذ كانوا مشركين يعبدون الشمس ويعقوب، ثم واصل حديثه معهما دعوة لهما إلى الإِيمان بالله والدخول في الإِسلام فقال: {ما كان لنا} أي ما ينبغي لنا أن نشرك بالله من شيء فنؤمن به ونَعْبُدُه معه، ثم أخبرهما أن هذا لم يكن باجتهاد منهم ولا باحتيال، وإنما هو من فضل الله تعالى عليهم، فقال ذلك من فضل الله علينا، وعلى الناس إذ خلقهم ورزقهم وكلأهم ودعاهم إلى الهدى وبينه لهم ولكن أكثر الناس يشركون فهم لا يؤمنون ولا يعبدون.

.من هداية الآيات:

1- دخل يوسف عليه السلام السجن بداية أحداث ظاهرها محرق وباطنها مشرق.
2- دخول السجن ليس دائما دليلا على أنه بيت المجرمين والمنحرفين إذ دخله صفيٌ لله تعالى يوسف عليه السلام.
3- تعبير الرؤى تابع لصفاء الروح وقوة الفراسة وهي في يوسف عليه السلام علمٌ لدنيٌ خاصٌ.
4- استغلال المناسبات للدعوة إلى الله تعالى كما استغلها يوسف عليه السلام.
5- وجوب البراءة من الشرك وأهله.
6- اطلاق لفظ الآباء على الجدود إذ كل واحد هو أب لمن بعده.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mohamadalzabe.yoo7.com
 
تفسير سورة يوسف -1-
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشيخ محمد امين الزعبي :: دراسات قرآنية-
انتقل الى: