الشيخ محمد امين الزعبي
بسم الله الرحمن الرحيم
أهلا وسهلا بكم في منتدى الشيخ محمد أمين الزعبي
الشيخ محمد امين الزعبي
بسم الله الرحمن الرحيم
أهلا وسهلا بكم في منتدى الشيخ محمد أمين الزعبي
الشيخ محمد امين الزعبي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الشيخ محمد امين الزعبي

خطب دينية -صوتيات- فتاوى - تفسير وشرح القرآن الكريم
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تفسير سورة هود - 4 -

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد الزعبي
المدير العام للموقع



المساهمات : 694
تاريخ التسجيل : 11/04/2008

تفسير سورة هود - 4 - Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة هود - 4 -   تفسير سورة هود - 4 - I_icon_minitimeالأحد مارس 18, 2018 10:09 pm

تفسير سورة هود عليه السلام

.تفسير الآيات (74- 76):

{فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ (74) إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (75) يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (76)}
.شرح الكلمات:

{الروع}: الفزع الخوف.
{البشرى}: أي الخبر السار المفرح للقلب.
{يجادلنا}: أي يخاصمنا.
{في قوم لوط}: أي في شأن قوم لوط، ولوط هو رسول الله لوط بن هاران بن عم إبراهيم.
{حليم أواه}: الحليم الذي لا يعمل بالعقوبة والأواه كثير التأوه مما يسيء ويحزن.
{أعرض عن هذا}: أي اترك الجدال في قوم لوط.
{غير مردود}: أي لا يستطيع أحد رده لأن الله تعالى قد قضى به فهو واقع لا محالة.
.معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في الحديث عن بشارة إبراهيم عليه السلام قال تعالى فلما ذهب عن إبراهيم الروع أي الفزع والخوف من الملائكة قبل أن يعرفهم وجاءته البشرى بالولد وبهلاك قوم لوط أخذ يجادل الملائكة في شأن هلاك قوم لوط لأجل ما بينهم من المؤمنين فقال: إن فيها لوطاً فأجابوه بقولهم الذي ذكر تعالى في سورة العنكبوت {نحن أعلم بمن فيها لننجيّنه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين}.
وقوله تعالى: {إن إبراهيم لحليم أواه منيب} تعليل لمجادلة إبراهيم الملائكة في قوم لوط، وذلك أن إبراهيم رقيق القلب حليم لا يعامل بالعقوبة فأراد تأخير العذاب عنهم لعلهم يتوبون.
وكان أواهاً ضارعا قانتا يكثر من قول آه إذا رأى أو سمع ما يسوء ومنيباً أي توابا رجاعاً إلى ربّه في كل وقت.
ولما الحّ إبراهيم في مراجعة الملائكة قالوا له يا إبراهيم أعرض عن هذا الجدال، إنه قد جاء أمر ربك أي بهلاك القوم.
{وإنهم آتيهم عذاب غير مردود} أي غير مدفوع من أحد وهو ما سَيُذْكَرُ في السياق بعد.
.من هداية الآيات:

1- مشروعية الجدال عمن يُرجى له الخير من الناس، وذلك في غير الحدود الشرعية إذا رفعت إلى الحاكم.
2- فضيلة خلق الحلم.
3- فضل الإِنابة إلى الله تعالى.
4- قضاء الله لا يرد أي ما حكم الله به لابد واقع.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

‏الخميس, ‏23 ‏ذو الحجة, ‏1438

تفسير سورة هود عليه السلام

.تفسير الآيات (77- 80):

{وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ (77) وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (78) قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (79) قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (80)}.

.شرح الكلمات:

{سيء بهم}: أي حصل له غم وهم بمجيئهم إليه.
{وضاق بهم ذرعا}: أي عجزت طاقته عن تحمل الأمر.
{يوم عصيب}: أي شديد لا يحتمل.
{يهرعون إليه}: أي مدفوعين بدافع الشهوة يمشون مسرعين في غير اتزان.
{السيئات}: أي كبائر الذنوب بإِتيان الذكور.
{ولا تخزون في ضيفي}: أي لا تذلوني ولا تهينوني بالتعرض لضيفي.
{رجل رشيد}: أي إلى عشيرة قوية تمنعني منكم. ولم تكن له عشيرة لأنه من غير ديارهم.
.معنى الآيات:

هذه فاتحة حديث لوط عليه السلام مع الملائكة ثم مع قومه قال تعالى: {ولما جاءت رسلنا} وهم ضيف إبراهيم عليه السلام {لوط سيء بهم} أي تضايق وحصل له هم وغم خوفا عليهم من مجرمي قومه.
وقال هذا يوم عصيب أي شديد لما قد يحث فيه من تعرض ضيفه للمذلة والمهانة وهو بينهم هذا ما دلت عليه الآية الأولى (77).
أما الثانية (78) فقد أخبر تعالى عن مجيء قوم لوط إليه وهو في ذلك اليوم الصعب والساعة الحرجة فقال عز وجل: {وجاءه قومه يهرعون إليه} أي مدفوعين بدافع الشهوة البهيمية مسرعين ومن قبل كانوا يعملون السيئات أي من قبل مجيئهم كانوا يأتون الرجال في أدبارهم فأراد أن يصرفهم عن الضيف فقال: {يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم} أي هؤلاء نساء الأمة هن أطهر لكم فتزوجوهن.
واتقوا الله أي خافوا نقمته ولا تخزوني في ضيفي أي لا تهينوني ولا تذلوني فيهم.
أليس منك رجل رشيد؟ يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؟ فأجابوا لعنهم الله قائلين: لقد علمت ما لنا في بناتك من حق أي من رغبة وحاجة، وإنك لتعلم ما نريد أي من إتيان الفاحشة في الرجال.
وهنا قال لوط عليه السلام: {لو أن لي بكم قوة} أي أنصاراً ينصرونني وأعواناً يعينوني لحلت بينكم وبين ما تشتهون، أو آوي إلى ركوب شديد يريد عشيرة قوية يحتمي بها فتحميه وضيفه من قومه المجرمين.

.من هداية الآيات:

1- فضيلة إكرام الضيف وحمايته من كل ما يسوءه.
2- فظاعة العادات السيئة وما تحدثه من تغير في الإِنسان.
3- بذل ما يمكن لدفع الشر لوقاية لوط ضيفه ببنانه.
4- أسوأ الحياة أن لا يكون فيها من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
5- إظهار الرغبة في القوة لدفع الشر وإبعاد المكروه ممدوح.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

‏الجمعة, ‏24 ‏ذو الحجة, ‏1438

تفسير سورة هود عليه السلام


.تفسير الآيات (81- 83):

{قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81) فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83)}.

.شرح الكلمات:

فأسر بأهلك: أي اخرج بهم من البلد ليلا.
{بقطع من الليل}: أي بجزء وطائفة من الليل.
{الصبح}: هو من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.
{جعلنا عاليها}: أي عالى القرية سافلها.
{من سجيل}: أي من طين متجحر.
{منضود}: أي منظم واحدة فوق أخرى بانتظام.
{مسومة}: أي معلمة بعلامة خاصة.
{عند ربك}: أي معلمة من عند الله تعالى.

.معنى الآيات:

ما زال السياق في الحديث عن ضيف لوط مع قومه إنه بعد أن اشتد بلوط الخوف وتأسف من عدم القدرة على حماية الضيف الكريم وقال متمنيا لو أنّ لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد.
هنا قالت له الملائكة: يا لوط إنا رسل ربك إليك لنُنَجِيّنَّكَ ونهلك قومك لن يصلوا إليك أي بأي سوء أو بأدنى أذى فأسر بأهلك أي فاخرج بهم بقطع من الليل أي بطائفة وجزء من الليل ولا يلتف منكم أحد كراهية أن يرى ما ينزل بالقوم من العذاب فيصيبه كرب من ذلك إلا امرأتك وهي عجوز السوء فخلفها في القرية وإن خرجت دعها تلتفت فإِنها مصيبها ما أصابهم.
وسأل لوطٌ عن موعد نزول العذاب بالقوم فقالوا إن موعدهم الصبح، وكان لوطُ قد استبطأ الوقت فقالوا له: أليس الصبح بقريب؟
وقوله تعالى: {فلما جآء أمرنا جعلنا عاليها سافلها} أي فلما جاء أمر الله بعذاب القوم أمر جبريل عليه السلام فقلبها على أهلها فجعل عالي القرية سافلها، وسافلها عاليها وأمطر الله عليهم حجارة من سجيل فمن كان خارج القرية أصابه حجر فأهلكه.
وقوله تعالى: {منضود مسومة} أي مركب بعضها فوق بعض معلمة كل حجر عليها اسم من يرمى به، وقوله: {عند ربك} أي معلمة من عند ربك يا رسول الله، وما هي من الظالمين ببعيد أي وما تلك القرية الهالك من الظالمين وهم مشركوا العرب ببعيد، أو وما تلك الحجاة التي أهلك بها قوم لوط ببعيد نزلها بالظالمين.

.من هداية الآيات:

1- استحباب السير في الليل لما فيه من البركة بقطع المسافات البعيدة بدون تعب.
2- كراهة التأسف هلاك الظالمين.
3- مظاهر قدرة الله تعالى في قلب أربع مدن في ساعة فكان الأعلى أسفل والأسفل أعلى.
4- وعيد الظالمين في كل زمان ومكان بأشد العقوبات وأفظعها.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

‏السبت, ‏25 ‏ذو الحجة, ‏1438

تفسير سورة هود عليه السلام

.تفسير الآيات (84- 86):

{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (84) وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (85) بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (86)}.

.شرح الكلمات:

{وإلى مدين}: أي أرسلنا إلى مدين إلى أهل مدين.
{المكيال والميزان}: أي إذا بعتم لأحد فلا تنقصوا المكيال والميزان.
{عذاب يوم محيط}: أي يحيط بكم من جميع جهاتكم فلا ينجو منه أحد منهم.
{بالقسط}: أي بالعدل أي بالمساواة والتساوي في البيع والشراء على حد سواء.
{ولا تبسخوا}: أي لا تنقصوهم حقوقهم التي هي لهم عليكم في الكيل والوزن وفي غير ذلك.
{ولا تعثوا في الأرض}: أي ولا تعثوا في الأرض بالفساد.
{وما أنا عليكم بحفيظ}: أي رقيب أراقب وزنكم وكيلكم وإنما أنا واعظ لكم وناصح لا غير.

.معنى الآيات:

هذا بداية قصص شعيب عليه السلام مع قومه أهل مدين قال تعالى: {وإلى مدين أخاهم شعيبا} أي وأرسلنا إلى قبيلة مدين أخاهم في النسب شعيباً {قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} أي وحّدوا الله تعالى ليس لكم إلهٌ تعبدونه بحقٍ إلا هو إذ هو ربكم الذي خلقكم ورزقكم ويدبر أمركم.
وقوله: {ولا تنقصوا المكيال والميزان} أي لا تنقصوا المكيال إذا كلتم لغيركم، والميزان إذا وزنتم لغيركم.
وقوله: {إني أراكم بخير} أي في رخاء وسعة من الرزق، {واني أخاف عليكم عذاب يوم محيط} إن أصررتم على الشرك والنقص والبخس وهو عذاب يحيط بكم فلا يفلت منك أحد.
وقوله: {يا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط} أمر بتوفيةِ المكيال والميزان بالعدل بعد أن نهاهم عن النقص تأكيدا لما نهاهم عنه وليعطف عليه نهياً آخر وهو النهي عن بخس الناس أشياءهم إذ قال: {ولا تبسخوا الناس أشياءهم} أي تنقصوه حقوقهم وما هو لهم بحق من سائر الحقوق.
ونهاهم عما هو أعم من ذلك فقال: {ولا تعثوا في الأرض مفسدين} أي ولا تسعوا في الأرض بالفساد وهو شامل لكل المعاصي والمحرمات.
وقوله: {بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين} أي وما يبقى لكم بعد توفية الناس حقوقهم خير لكم مما تأخذونه بالنقص ووعده ووعيده .
وقوله: {وما أنا عليكم بحفيظ} أي بمراقب لكم حين تبيعون وتشترون، ولا بحاسب مُحصرٍ عليكم ظلمكم فأجازيكم به، وإنما أنا واعظ لكم ناصح ليس غير.

.من هداية الآيات:

1- وحدة دعوة الرسل وهي البداية بتوحيد الله تعالى أولاً ثم الأمر والنهي لإِكمال الإِنسان. وإسعاده بعد نجاته من الخسران.
2- حرمة نقص الكيل والوزن أشد حرمة.
3- وجوب الرضا بالحلال وإن قل، وسخط الحرام وإن كثر.
4- حرمة بخس الناس حقوقهم كأجور العمال، وأسعار البضائع ونحو ذلك.
5- حرمة السعي بالفساد في الأرض بأي نوع من الفساد وأعظمه تعطيل شرائع الله تعالى.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

‏الأحد, ‏26 ‏ذو الحجة, ‏1438

تفسير سورة هود عليه السلام

.تفسير الآيات (87- 90):

{قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (87) قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88) وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (89) وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (90)}.

.شرح الكلمات:

{أصلاتك}: أي كثرة الصلاة التي تصليها هي التي أثرت على عقلك فأصبحت تأمرنا بما لا ينبغي من ترك عبادة آلهتنا والتصرف في أموالنا.
{الحليم الرشيد}: أي ذو الحلم والرشد، والحلم ضد الطيش والرشد ضد السفه ولم يكن قولهم هذا مدحاً له وإنما هو استهزاء به.
{أن أخالفكم}: أي لا أريد أن أنهاكم عن الشيء لتتركوه ثم أفعله بعدكم.
{أن أريد إلا الإصلاح}: أي ما أريد الإ الإصلاح لكم.
{وما توفيقي إلا بالله}: أي وما توفيقي للعمل الإِصلاحي والقيامة به إلأ بفضل الله عليّ.
{وإليه أنيب}: أي ارجع في أمري كله.
{لا يجرمنكم شقاقي}: أي لا تكسبنكم مخالفتي أن يحل بكم من العذاب ما حل يقوم نوح والأقوام من بعدهم.
{وما قوم لوط منكم ببعيد}: أي في الزمن والمكان إذ بحيرة لوط قريبة من بلاد مدين التي هي بين معان والأردن.
{رحيم ودود}: أي رحيم بالمؤمنين ودود محب للمتقين.

.معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في الحديث عن شعيب عليه السلام مع قومه أهل مدين إنه لما أمرهم بعبادة الله تعالى وحده ونهاهم نقص الكيل والوزن وبخس الناس أشياءهم والسعي في الأرض بالفساد، إذ كانوا يكسرون الدراهم وينشرنها ويقطعون الطريق: فردوا عليه قوله بما أخبر تعالى به عنهم في قوله: {قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء}؟ إنه بهذا الخطاب ينكرون عليه نهيه لهم عن عبادة الأوثان والأصنام التي كان يعبدها آباؤهم من قبلهم كما ينكرون عليه نهيه لهم عن نقص المكيال والميزان وبخس الناس أشياءهم وأمرهم إياهم بالتزام الحق والعدل في ذلك، ينكرون عليه نهيه لهم وأمره إياهم وينسبون ذلك إلى كثرة صلاته فهي التي في نظرهم قد أصابته بضعف العقل وقلة الادراك،
وقوله له {إنك لأنت الحليم الرشيد} إنما هو تهكم واستهزاء منهم لا انهم يعتقدون حلم شعيب ورشده وإن كان في الواقع هو كا قالو حليم رشيد إذ الحليم هو الذي لا يحمله الغضب أن يفعل ما لا يفعله في حال الرضا والرشيد خلاف السفيه الذي لا يحسن التصرف في المال وغيره هذا ما تضمنته الآية الأولى (87).
وأما الآيات الثلاث بعدها فقد تضمنت رَدَّ شعيبٍ عليه السلام على مقالتهم السابقة إذ قال: {يا قوم أرأيتم} أي أخبروني {إن كنت عل بيّنة من ربي} أي على برهان وعلم يقيني بألوهيته ومحابه ومساخطه ووعده لأوليائه ووعيده لأعدائه، ورزقي منه رزقاً حسنا أي حلالا طيبا أخبروني فهل يليق بي أن أتنكر لهذا الحق والخير وأُجَارِيكُمْ على باطلكم. اللهم لا، وشيء آخر وهو أني ما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه فإِني لا آمركم بتوفية الكيل والوزن وأنقصها ولا بترك عبادة الأوثان وأعبدها، ولا أنهاكم عن كسر الدراهم وأكسرها فأكون كمن يأمر بالشيء ولا يفعله، وينهى عن الشيء ويفعله فيستحق اللوم والعتاب ونزع الثقة منه، وعدم اعتباره فلا يؤخذ بقوله ولا يعمل برأيه.
وأمر آخر هو أني ما أريد بما أمرتكم به ولا بما نهيتكم عنه إلا الإِصلاح لكم ما استطعت ذلك وقدرت عليه, وما توفيقي في ذلك إلا بالله ربّي وربكم عليه توكلت في أمري كله وإليه وحده أنيب أي أقبل بالطاعة وأرجع بالتوبة.
ثم ناداهم محذراً إياهم من اللجاج والعناد فقال: ويا قوم لا يجرمنكم أي لا يحملنكم شقاقي أي خلافي على الاستمرار في الكفر والعصيان فيصيبكم عذاب مثل عذاب قوم نوح وهو الغرق أو قوم هود وهو الريح المدمرة أو قوم صالح وهو الصيحة المرجفة
{وما قوم لوط منك ببعيد} في الزمن والمكان وقد علمتم ما حل بهم من دمار وخراب. أي لا يحملنكم شقاقي وعداوتي على أن ينزل بكم العذاب، واستغفروا ربكم مما أنتم عليه من الشرك والمعاصي، ثم توبوا إليه بالطاعة، {إن ربّي رحيم} لا يعذب من تاب إليه ودود يحب من أناب إليه.

.من هداية الآيات:

1- التعريض القريب يُعطي القذف الصريح.
2- كراهية إتيان الشيء بعد النهي عنه، وترك الشيء بعد الأمر به والحث عليه.
3- كراهيةاللجاج والعناد لما يمنع من الاعتراف بالحق والالتزام به.
4- وجوب الاستغفار والتوبة من الذنوب.
5- وصف الرب تعالى بالرحمة والمودة.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

‏الإثنين, ‏27 ‏ذو الحجة, ‏1438

تفسير سورة هود عليه السلام

.تفسير الآيات (91- 95):

{قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ (91) قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (92) وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (93) وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ (95)}.

.شرح الكلمات:

{ما نفقه}: أي ما نفهم بدقة كثرا من كلامك.
{ولولا رهطك}: أي أفراد عشيرتك.
{وما أنت علينا بعزيز}: أي بقوي ممتنع.
{ظهرياً}: أي لم تأبهوا به ولم تلتفتوا إليه كالشيء الملقى وراء الظهر.
{على مكانتكم}: أي على ما أنتم عليه من حال التمكن والقدرة.
{الصحية}: أي صحية العذاب التي أخذتهم.
{جاثمين}: أي على ركبهم.
{كأن لم يغنوا فيها}: أي كأن لم يقيموا بها يوماً.
{ألا بعداً لمدين}: أي هلاكاً لمدين قوم شعيب.

.معنى الآيات:

ما زال السياق في الحديث عن شعيب عليه السلام وقومه إنه بعد الحوار الذي دار بين شعيب وقومه يقول ويقولون وكان عليه السلام فصيحاً مؤيداً من الله تعالى فيما يقول فأفحمهم وقطع الحجة عليهم لجأوا إلى أسلوب القوة والتهديد بل والشتم والإِهانة وكان هذا منهم إيذانا بقرب ساعة هلاكهم فقالوا فيما قص تعالى عنهم في هذه الآيات :
{يا شعيب ما نفقه كثيراً مما تقول} فق نادوه ليسمع منهم ثم أعلموه أنهم لا يفقهون كثيراً من كلامه مع أنه يخاطبهم بلغتهم، ولكنه الصلف والكبرياء فإِن صاحبها لا يفهم ما يقوله الضعفاء.
وقالوا له: وإنا لنراك فينا ضعيفاً وهو احتقار منهم له، وقالوا: ولولا رهطك لرجمناك أي ولولا وجود جماعة من عشيرتك نحترمهم لرجمناك أي لقتلناك رمياً بالحجارة، وأخيراً وما أنت علينا بعزيز أي بممتنع لو أردناك. وهنا رد شعيب عليه السلام عليهم بقوله فقال ما أخبر تعالى به عنه {قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريّاً} أي غير مبالين بأمره ولا نهيه كما جعلتموه وراء ظهوركم لا تلتفون إليه ولا تسمعون منه ولا تطيعونه، يا ويلكم {إن ربّي بما تعملون محيط} أي علمه فأعمالكم معلومة له لا يخفى منها عليه شيء ولسوف يجزيكم بها عاجلا أو آجلا وقابل تهديهم له بمثله فقال لهم :
{ويا قوم اعملوا عللاى مكانتكم} أي على تمكنكم من عملكم {إني عامل} أي على تمكني من العمل الذي أعمله {سوف تعلمون بعد من يأتيه عذاب يخزيه} يذله ويهينه ومن هو كاذب منا فيعذب ويخزى ويذل ويهان أيضا وعليه فارتقبوا يومذاك {وارتقبوا فإِني معكم رقيب} منتظر قال تعالى: {ولما جاء أمرنا} أي بالعذاب {نجيّنا شعيباً والذين آمنوا معه برحمة منا} أي بفضل منا ونعمة من عندنا، {وأخذت الذين ظلموا} أي بالشرك والعصيان {الصحيةُ} أي صحية العذاب التي ارتجفت لها قلوبهم وانخلعت فبركوا على ركبهم جاثمين هلكى لا يتحركون. قال تعالى في بيان حالهم {كأن لم يغنوا فيها} أي كأن لم يقيموا في تلك الديار ويعمرها زمنا طويلا. ثم لعنهم فقال: {ألا بعداً لمدين} بعداً لها من الرحمة وهلاكاً، كما بعدت قبلها ثمود وهلكت.

.من هداية الآيات:

1- بيان ما أوتي نبي الله شعيب العربي من فصاحة وبيان حتى قيل فيه خطيب الأنبياء.
2- اشتداد الأزمات مؤذن بقرب انفراجها.
3- بيان فساد عقل من يهتم بتنفيذ أوامر الناس ويهمل أوامر الله تعالى ولا يلتفت إليها.
4- فضل انتظار الفرج من الله تعالى وهو الرجاء المأمور به.
5- صدق وعد الله رسله وعدم تخلفّه أبداً.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

‏الثلاثاء, ‏28 ‏ذو الحجة, ‏1438

تفسير سورة هود عليه السلام

.تفسير الآيات (96- 99):

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (96) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (97) يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (98) وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (99)}.

.شرح الكلمات:

{موسى}: هو موسى بن عمران كليم الله ورسوله إلى بني إسرائيل.
{بآياتنا}: هي التسع الآياتِ الذي ذكر أكثرها في آية الأعراف.
{وسلطان مبين}: أي بحجة قوية على عدو الله فرعون فهزمه بها.
{وملئه}: أي أشرف رجال دولة فرعون.
{وما أمر فرعون برشيد}: أي بذي رشد بل هو السفه كله.
{يقدم قومه}: أي تقدمهم إلى النار فأوردهم النار.
{بئس الورد المورود}: أي قبح وساء ورداً يورد النار.
{وأتبعوا في هذه لعنة}: أي ألحقتهم في دار الدنيا لعنة وهي غرقهم.
{بئس الرفد المرفود}: أي قبح الرفد الذي هو العطاء المرفود به أي المعطي لهم. والمرا لعنة الدنيا ولعنة الآخرة.

.معنى الآيات:

هذه لمحة خاطفة لقصة موسى عليه السلام مع فرعون تصمنتها أربع آيات قصار قال تعالى: {ولقد أرسلنا موسى} أي بعد إرسالنا شعيباً إلى أهل مدين أرسلنا موسى بن عمران مصحوباً بآياتنا الدالة على إرسالنا له وصدق ما يدعوا إليه ويطالبه به وسلطان مبين أي أي وحجة قوية ظاهرة على وجوب توحيد الله تعالى وبطلان أولوهية من عداه كفرعون عليه لعائن الله {إذ قال ما علمت لكم من إله غيري}
وقوله تعالى: {إلى فرعون وملئه} أرسلناه بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وأشراف جنده وزعُماء دولته فأمرهم موسى باتباع الحق وترك الباطل فأبوا واتبعوا أمر فرعون فأَلهم.
{وما أمر فرعون برشيد} حتى يهدي إلى الفلاح من اتبعه.
قال تعالى: {يقدم قومه يوم القيامة} أي يتقدمهم إلى النار فيوردهم حياضها {وبئس الورد المورود} أي نار جهنم قوله تعالى: {واتبعوا في هذه لعنة} أي فرعون وقومه لعنوا في الدنيا، ويوم القيامة يلعنون أيضا {فبئس الرفد المرفود} وهما لعنة الدنيا ولعنة الآخرة، والرفد العون والعطاء والمرفود به هو المعان به والمعطي لمن يرفد من الناس.

.من هداية الآيات:

1- من كتب الله شقاءه لا يؤمن بالآيات بل يردها ويكذب بها حتى يهلك.
2- قوة الحجج وكثرة البراهين لا تستلزم إذعان الناس وإيمانهم.
3- التحذير من اتباع رؤساء الشر وأئمة الفساد والضلال.
4- ذم موارد الباطل والشر والفساد.
5- شر المعذبين من جمع له بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

‏الأربعاء, ‏29 ‏ذو الحجة, ‏1438

تفسير سورة هود عليه السلام

.تفسير الآيات (100- 102):

{ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ (100) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (101) وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102)}.

.شرح الكلمات:

{ذلك}: الإِشارة إلى قصص الأنبياء الذي تقدم في السورة.
{من أنباء القرى}: أي أخبار أهل القرى قوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم لوط وأصحاب مدين وفرعون.
{منها قائم وحصيد}: منها مدن بقيت آثارها كمدائن صالح، ومنها مدن لم يبق منها شيء كديار عاد.
{التي يدعون}: أي يعبدونها بالدعاء وغيره كالذبح لها والنذور والحلف بها.
{غير تتبيت}: أي تخسير وهلاك.
{إذا أخذ القرى}: أي عاقبها بذنوبها.
{أليم شديد}: أي موجع شديد الإِيجاع.

.معنى الآيات:

لما قص تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم في هذه السورة ما قص من أخبار الأمم السابقة خاطبه قائلا :{ذلك} أي ما تقدم في السياق {من أنباء القرى} أي أهلها نقصه عليك تقريراً لنبوتك وإثباتاً لرسالتك وتثبيتاً لفؤادك وتسلية لك.
وقوله تعالى: {منها قائم وحصيد} أي ومن تلك القرى البائدة منها آثار قائمة من جدران وأطلال، ومنها ما هو كالحصيد ليس فيه قائم ولا شاخص لاندراسها وذهاب آثارها.
وقوله تعالى: {وما ظلمناهم} بإِهلاكنا إياهم ولكن هم ظلموا أنفسهم بالشر والمعاصي والمجاحدة لآياتنا والمكابرة لرسولنا.
وقوله تعالى: {فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء} أي لم تغن عنهم أصنامهم التي اتخذوها آلهة عبدوها بأنواع العبادات من دعاء ونذر وذبح وتعظيم إذ لم تغن عنهم شيئاً من الإِغناء {لما جاء أمر ربك} بعذابهم {وما زادوهم غير تتبيت} أي تخسير ودمار وهلاك.
ثم في الآية الأخيرة قال تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم {وكذلك أخذ ربك} أي وكذلك الأخذ المذكور أخذ ربك
{إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } أي ذو وجع شديد لا يطاق فهل يعتبر المشركون والكافرون والظالمون اليوم فيترك المشركون شركهم والكافرون كفرهم والظالمون ظلمهم قبل أن يأخذهم الله كما أخذ من قبلهم؟.

.من هداية الآيات:

1- تقرير نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ونشر رسالته وتسليته بما يقص الله عليه من أنباء السابقين.
2- تنزه الله تعالى عن الظلم في أهلاك أهل الشرك والمعاصي.
3- آلهة المشركين لم تغن عنهم عند حلول النقمة بهم شيئا.
4- التنديد بالظلم وسوء عاقبة الظالمين.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

‏الخميس, ‏01 ‏محرم, ‏1439

تفسير سورة هود عليه السلام

.تفسير الآيات (103- 109):

{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103) وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (104) يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107) وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108) فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (109)}.

.شرح الكلمات:

{لآية}: أي علامة على أن الذي عذّب في الدنيا قادر على أن يعذب في الآخرة.
{يوم مشهود}: أي يشهد جميع الخلائق وهو يوم القيامة.
{إلا لأجل معدود}: أي أجل الدنيا المعدود الأيام والساعات.
{إلا بإِذنه}: أي إلا بإِذن الله تعالى.
{شقي وسعيد}: أي فمن أهل الموقف من هو شقي أزلاً وسيدخل النار، ومنهم سعيد أزلاً وسيدخل الجنة.
{زفير وشهيق}: أي صوت شديد وهو الزفير وصوت ضعيف وهو الشهيق.
{عطاء غير مجذوذ}: أي غير مقطوع بل هو دائم أبداً.
{فلا تك في مرية مما يعبد هؤلاء}: أي في شك من بطلان عبادة هؤلاء المشركين.
{نصيبهم غير منقوص}: ما قدر لهم من خير أو شر رحمة أو عذاب.

.معنى الآيات:

قوله تعالى: {إن في ذلك لآية} أي إن في أخذ الله تعالى للأمم الظالمة وتعذيبها بأشد أنواع العذاب آية أي علامة واضحة على أن مَنْ عَذَّبَ في الدنيا قادرٌ على أن يُعذبَ في الآخرة.
فالمؤمنون بلقاء الله تعالى يجدون فيما أخبر تعالى به من إهلاك الأمم الظالمة آية هي عبرة لهم فيواصلون تقواهم لله تعالى حتى يلاقوه وهم به مؤمنون ولأوامره ونواهيه مطيعون.
وقوله تعالى: {ذلك يوم مجموع له الناس ولذلك يوم مشهود} أي ذلك الذي فيه عذاب الآخرة هو يوم القيامة حيث يجمع فيه الناس لفصل القضاء {وذلك يوم مشهود} إذا تشهده الخلائق كلها
وقوله تعالى: {وما نؤخره إلا لأجل معدود} أي وما يؤخر يوم القيامة إلا لإِكمال عمر الدنيا المعدود السنين والأيام بل والساعات.
وقوله تعالى: {يوم يأتي} أي يوم القيامة {لا تكلّم نفس إلا بإِذنه} أي بإِذن الله تعالى وقوله: {فمنهم شقي وسعيد} أي والناس فيه ما بين شقي وسعيد، وذلك عائد إلى ما كتب لكل إنسان من شقاوة أو سعادة في كتاب المقادير، أولاً، ولما كسبوا من خير وشر ثانياً.
وقوله تعالى: {فأما الذين شقوا} أي في حكم الله وقضائه ففي النار لهم فيها زفير وهو صوت شديد وشهيق وهو صوت ضعيف والصوتان متلازمان إذ هما كأول النهيق وآخره عند الحمار.
وقوله تعالى: {خالدين فيها} أي في النار {ما دامت السموات والأرض} أي مدة دوامهما، وقوله: {إلا ما شاء ربك} أن لا يخلد فيها وهم أهل التوحيد ممن ماتوا على كبائر الذنوب.
وقوله تعالى: {إن ربك فعال لما يريد} أي إن ربك أيها الإِنسان فعال لما يريد إذا أرد شيئا فعله لا يحل بينه وبين فعله.
وقوله: {وأما الذين سعدوا} أي حكم الله تعالى بسعادتهم لما وفقهم الله من الإِيمان والعمل الصالح وترك الشرك والمعاصي {ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء رَبُّك} إذ إرادة الله مطلقة لا تحد إلا بمشيئته العليا وقوله: {عطاء غير مجذوذ} أي عطاء من ربك لأه لطاعته غير مقطوع أبداً وهذا دليل خلودهم فيها أبدا.
وقوله تعالى: {فلا تك في مرية مما يعبد هؤلاء} هو خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ينهاه ربُهُ تعالى أن يَشكَ في بطلان عبادة المشركين أصنامهم فإِنهم لا دليل لهم على صحة عبادتها وإنما هم مقلدون لآبائهم يعبدون ما كانوا يعبدون من الأصنام والأوثان
وقوله تعالى: {وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص} يخبر تعالى انه موفي المشركين ما كتب لهم من خير وشر أو رحمة وعذاب توفية كاملة لا نقص فيها بحال.

.من هداية الآيات:

1- فضل وفضيلة الإِيمان بالآخرة.
2- حتمية البعث الآخر وأنه لا شك فيه.
3- الشقاوة والسعاة مضى بهما القضاء والقدر قبل وجود الأشقياء والسعداء.
4- عجز كل نفس عن الكلام يوم القيامة حتى يؤذن لها به.
5- إرادة الله مطلقة، لو شاء أن يخرج أهل النار لأخرجهم منها ولو شاء أن يخرج أهل الجنة لأخرجهم إلا أنه حكم بما أخبر به وهو العزيز الحكيم.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

‏الجمعة, ‏02 ‏محرم, ‏1439

تفسير سورة هود عليه السلام

.تفسير الآيات (110- 113):

{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (110) وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (111) فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112) وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (113)}.

.شرح الكلمات:

{الكتاب}: أي التوراة.
{ولولا كلمة سبقت}: أي لولا ما جرى به قلم القدر من تأخير الحساب والجزاء إلى يوم القيامة.
{لفي شك منه مريب}: أي موقع في الريب الذي هو اضطراب النفس وقلقها.
{فاسقتم كما أمرت}: أي على الأمر والنهي كما أمرك ربك بدون تقصير.
{ولا تطغوا}: أي لا تجاوزا حدود الله.
{ولا تركنوا إلى الذين ظلموا}: أي لا تميلوا إليهم بموادة أو رضا بأعمالهم.
{فتمسكم النار}: أي تصيبكم ولازم ذلك دخولها.

.معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في تسلية النبي صلى الله عليه وسلم وحمله على الصبر والثبات وهو يبلغ دعوة الله تعالى ويدعو إلى توحيده مواجهاً صلفَ المشركين وعنادَهُمْ فيقول له: {ولقد آتينا موسى الكتاب} أي التوراة كما أنزلنا عليك القرآن.
فاختلفت اليهود في التوراة فمنهم من آمن بها ومنهم من كفر
كاختلف قومك في القرآن فمنهم من آمن به ومنهم منكر إذاً فلا تحزن. وقوله تعالى: {ولولا كلمة سبقت من ربك} وهي تأخير الجزاء على الأعمال في الدنيا إلى القيامة {لقضي بينهم} فنجى المؤمنين وأهلك الكافرين.
وقوله تعالى: {وإنهم لفش شك منه مريب} وإن قومك من مشركي العرب لفي شك من القرآن هل هو وحي الله وكلامه أو هو غير ذلك مريب أن موقع في الريب الذي هو شك مع اضطراب النفس وقلقها وحيرتها وقوله تعالى: {وإن كلاّ لما ليوفينهم ربك أعمالهم} أي وإن كل واحد من العباد مؤمناً كان أو كافراً باراً أو فاجراً ليوفينّه جزاء عمله يوم القيامة ولا ينقصه من عمله شيئاً .
وقوله: {إنه بما يعملون خبير} لما أخبر به من الجزاء العادل إذ العلم بالعمل الخبرة التامة به لابد منهما للتوفية العادلة.
وقوله تعالى: {فاستقم كما أمرت ومن تاب معك} أي بناء على ذلك فاستقم كما أمرك ربك في كتابه فاعتقد الحق واعمل الصالح واترك الباطل ولا تعمل الطالح أنت ومن معك من المؤمنين ليكون جزاؤكم خير جزاء يوم الحساب والجزاء.
وقوله: {ولا تطغوا} أي لا تتجاوزوا ما حد لكم في الاعتقاد والقول والعمل وقوله: {إنه بما تعملون بصير} تحذير لهم من الطغيان الذي نهوا عنه، وتهديد لمن طغى فتجاوز منهج الاعتدال المأمور بالتزامه.
وقوله تعالى: {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار} أي لا تميلوا إلى المشركين بمداهنتهم أو الرضا بشركهم فتكونوا مثلهم فتدخلوا النار مثلهم فتمسكم النار كما مستهم، وقوله تعالى: {وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون} أي إن أنتم ركنتم إلى الذين ظلموا بالشرك بربهم فكنتم في النار مثلهم فإِنكم لا تجدون من دون الله وليّاً يتولى أمر الدفاع عنكم ليخرجكم من النار ثم لا تنصرون بحال من الأحوال، وهذا التحذير وإن وجه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ابتداء فإِن المقصود به أمته إذ هي التي يمكنها فعل ذلك أما الرسول صلى الله عليه وسلم فهو معصوم من أقل من الشرك فكيف بالشرك.

.من هداية الآيات:

1- تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم والتخفيف عنه مما يجده من جحود الكافرين.
2- بيان سبب تأخر العذاب في الدنيا، وهو أن الجزاء في الآخرة لا في الدنيا.
3- الجزاء الأخروي حتمي لا يتخلف أبداً إذ به حكم الحق عز وجل.
4- وجوب الاستقامة على دين الله تعالى عقيدة وعبادة وحكماً وأدباً.
5- حرمة الغلو وتجاوز ما حد الله تعالى في شرعه.
6- حرمة مداهنة المشركين أو الرضا بهم أو بعملهم، لأن الرضا بالكفر كفر.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mohamadalzabe.yoo7.com
 
تفسير سورة هود - 4 -
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشيخ محمد امين الزعبي :: دراسات قرآنية-
انتقل الى: